اسم الکتاب : رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم المؤلف : شلبي، عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 34
فقال لي: "بدخولك العراق تعارضنا, وتفخر علينا أو نحو هذا ... ". ثم قال لي: "قم بنا إلى ذلك -لشيخ كان في المسجد- فإن له بمثل هذا علمًا".
فقمنا إليه، وسألناه عن ذلك فقال:
"إنما هو مجتابي النمار، وهم قوم كانوا يلبسون الثياب مشققة جيوبهم أمامهم، والنمار: جمع نمرة"[1].
وإذا كان العلماء قد وقفوا بالمرصاد لهذه التصحيفات الخاطئة فقبحوها مستبشعين[2]، وذموا المصحّفين، ونهوا عن الأخذ[1] عنهم، وذكروا ما ورد من نوادر التصحيف مما وهم فيه الخليل[3]، وأبو عمرو[4]، وعيسى بن عمر[5], وأبو عبيدة[6]، والأخفش[7], وغيرهم.
أقول: إذا كان العلماء قد وقفوا بالمرصاد لما روى هؤلاء -وهم أئمة- فماذا ترى أن يكون موقفهم[8] بجانب كتاب الله الكريم والمصحِّفين فيه, وهم المدققون في روايته، وكانوا القوامين عليه ومن حفظته، ثم هم الذين وقفوا جهودهم على سدانته؟
ومن عجب! يمدح خلف الأحمر بأنه لا يأخذ إِسناده عن الصحف، فيقول فيه الحسن بن هانئ:
لا يَهِمُ الحاءَ في القراءةِ بالخَا ... ءِ ولا يأخذُ إسنادَه عن الصُّحُفِ9
وأنه كان جماع العلم؛ لأنه ثبت في الرواية, إذ قيل في رثائه:
أودى جماع العلم مذ أوى خلف ... راوية لا يجتني من الصحف [1] نفح الطيب: 1/ 345 وما بعدها. [2] التصحيف للعسكري: ص8. [3] التصحيف: 36. [4] التصحيف: 43. [5] التصحيف: 47. [6] التصحيف: 49. [7] التصحيف: 52. [8] وانظر في تعقب العلماء للتصّحيف والمصحِّفين: الفاضل والمفضول للمبرد: 82، وطبقات الزبيدي: 102، ونزهة الألباء: 36، والزهر: 2/ 232.
9 التصحيف: 13.
اسم الکتاب : رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم المؤلف : شلبي، عبد الفتاح الجزء : 1 صفحة : 34