responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 121
وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ لِسَعَادَةِ بَعْضٍ وَشَقَاوَةِ بَعْضٍ، كَمَا قَالَ: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ الْآيَةَ وَقَالَ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [64 \ 2] فَلَا يَخْفَى ظُهُورُ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [51 \ 56] .
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: وَنَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَسُفْيَانَ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أَيْ يَعْبُدُنِي السُّعَدَاءُ مِنْهُمْ وَيَعْصِينِي الْأَشْقِيَاءُ، فَالْحِكْمَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ إِيجَادِ الْخَلْقِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ حَاصِلَةٌ بِفِعْلِ السُّعَدَاءِ مِنْهُمْ، كَمَا أَشَارَ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [6 \ 89] .
وَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَجْمُوعَ وَأَرَادَ بَعْضَهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَمْثَالَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أُطْلِقَ فِيهَا الْمَجْمُوعُ مُرَادًا بَعْضُهُ فِي سُورَةِ " الْأَنْفَالِ ".
الْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أَيْ إِلَّا لِيُقِرُّوا إِلَيَّ بِالْعُبُودِيَّةِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يُطِيعُ بِاخْتِيَارِهِ، وَالْكَافِرَ مُذْعِنٌ مُنْقَادٌ لِقَضَاءِ رَبِّهِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ، لِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، أَنَّ الْإِرَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ إِرَادَةٌ كَوْنِيَّةٌ قَدَرِيَّةٌ، وَالْإِرَادَةُ فِي قَوْلِهِ: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ إِرَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ دِينِيَّةٌ، فَبَيَّنَ فِي قَوْلِهِ: وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنَّهُ أَرَادَ بِإِرَادَتِهِ الْكَوْنِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ صَيْرُورَةَ قَوْمٍ إِلَى السَّعَادَةِ،

اسم الکتاب : دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست