اسم الکتاب : جمال القراء وكمال الإقراء المؤلف : السخاوي ، علم الدين الجزء : 1 صفحة : 441
لا خير بيننا ولا شر، أي نتسلم منكم تسلماً، فأقيم السلام مقام التسلم.
وهذا التأويل يحتاج فيه إلى إثبات أن الجاهلين هم المشركون، وأيضاً
فإن الله عزّ وجلّ وصف المؤمنين وأثنى عليهم بصفات، منها: الحلم
عند جهل الجاهل، والمراد بالجاهلين السفهاء، وهذه صفة محمودة
باقية إلى يوم القيامة، وما زال الإغضاء عن السفهاء، والترفع عن مقابلة
ما قالوه بمثله من أخلاق الفضلاء، وبذلك يقضي الورع، والشرع.
والأدب والمروءة، ثم وأي حاجة إلى القول: بأن ذلك منسوخ؟
وقال زيد بن أسلم: التمست تفسير هذه الآية، فلم أجده عند أحد
فأنبِئت في النوم، فقيل لي: هم الذين لا يريدون فساداً في الأرض.
وقال ابن زيد: هم الذين لا يتكبرون في الأرض، ولا يتجبرون، ولا
يفسدون، وهو قوله عز وجل: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) .
وقال الحسن: يمشون حلماء علماء لا يجهلون.
فإن جهل عليهم لم يجهلوا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، أي إذا خاطبهم الجاهلون بما يكرهون من القول أجابوهم بالمعروف، والسداد من الخطاب، قالوا: تسلماً منكم، وبراءة بيننا، وبينكم، ذلَّت والله منهم الأسماع، والأبصار، والجوارح حتى يحسبهم الجاهل مرضى، وما بالقوم من
مرض، وإنهم لأصحاء القلوب، ولكنهم دخلهم من الخوف ما لم يدخل
غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فلما وصلوا إلى بغيتهم
(قالوا: الحمد لله الذي أذهَبَ عنا الحَزَن، والله ما حزنتهم الدنيا،
اسم الکتاب : جمال القراء وكمال الإقراء المؤلف : السخاوي ، علم الدين الجزء : 1 صفحة : 441