اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 798
هو ثمرة الزواج، وما بقاء الزوجية بعد أن خلينا سبيلها، ورفعنا يد الزوج عنها، ولم نلزمها تمكينه من استمتاع بها؟
وقد تناظر في ذلك مالك وغيره فقال مالك: أدركت الناس يقولون: إذا لم ينفق الرجل على امرأته يفرّق بينهما.
فقيل له: قد كانت الصحابة رضي الله عنهم يعسرون ويحتاجون.
فقال مالك: ليس الناس اليوم كذلك، إنما تزوجته رجاء اه.
ومعنى كلامه إنّ نساء الصحابة رضي الله عنهم كنّ يردن الدار الآخرة وما عند الله، ولم يكن مرادهنّ الدنيا، فلم يكن يبالين بعسر أزواجهن، لأن أزواجهنّ كانوا كذلك، وأما النساء اليوم، فإنما يتزوجن رجاء دنيا الأزواج ونفقتهم وكسوتهم، فالمرأة إنما تدخل اليوم على رجاء الدنيا، فصار هذا المعروف كالمشروط في العقد، وكان عرف الصحابة رضي الله عنهم كذلك كالمشروط في العقد، والشرط العرفي في أصل مذهبه كاللفظي.
وفي المسألة مذهبان آخران:
أحدهما: أنه إذا أعسر بنفقتها حبس حتى يجد ما ينفقه، وهذا مذهب حكاه الناس عن عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة، وهو مذهب غير معقول، لأنّه إذا حبس فمن أين يجد النفقة؟ ولعلّ العنبري من القائلين بالتفريق للإعسار، وأنه يريد أنّ الحاكم إذا أمره بالطلاق فامتنع حبسه حتى يطلّق، أو يظهر له مال، وإلا فالكلام على ظاهره بيّن البطلان.
والثاني: أنه لا فسخ، وعليها نفقة نفسها إن كانت غنية، وإن عجز الزوج عن نفقة نفسه أيضا كلّفت المرأة الإنفاق عليه، وهو مذهب ابن حزم، قال في «المحلى» :
فإن عجز الزوج عن نفقة نفسه وامرأته غنية كلّفت النفقة عليه، لا ترجع بشيء من ذلك إن أيسر. وهذا المذهب مع بطلانه ومخالفته قواعد الشرع وعمل الناس أقرب إلى العقل من مذهب العنبري والله الموفق.
ودلّت الآية أيضا على أنّه ينبغي للإنسان مراعاة حال نفسه في النفقة والصدقة،
وفي الحديث: «إنّ المؤمن أخذ عن الله أدبا حسنا، إذا هو وسع عليه وسع، وإذا هو قتر عليه قتر» [1] . [1] رواه السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (6/ 239) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 798