responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 784
مدته، والمراد بالأجل هنا آخر المدة التي تتربصها المرأة، أي آخر عدتهن أن يضعن حملهن، وظاهر هذا أنّ المعتدة الحامل تنتهي عدتها بوضع الحمل، سواء أكانت معتدة عن طلاق أم عن وفاة، فتكون الآية معارضة لآية البقرة، وهي قوله تعالى:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً لأن بين الآيتين عموما وخصوصا من وجه. وذلك أنّ آية البقرة أعم من التي معنا في المعتدات، إذ تشمل الحامل وغير الحامل، وأخص من التي معنا في سبب العدة وهو الوفاة وعلى العكس من ذلك الآية التي معنا، فكان التعارض واقعا بينهما في القدر الذي اجتمعتا عليه واشتركتا فيه، وهو عدة المتوفى عنها الحامل، فآية البقرة تجعل عدتها أربعة أشهر وعشرا، والآية التي معنا تجعل عدتها مدة حملها، فمتى وضعت فقد انقضت عدتها.
ومن أجل هذا التعارض اختلف السلف في عدة المتوفى عنها إذا كانت حاملا، فقال علي وابن عباس وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم: تعتد بأبعد الأجلين من وضع الحمل أو أربعة أشهر وعشرا، وهذا أحد القولين في مذهب مالك رحمه الله، واختاره سحنون.
وقال جمهور الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة: إنّ عدتها تنتهي بوضع الحمل، ولو كان الزوج على مغسله فوضعت حلّت.
فمن ذهب إلى أبعد الأجلين احتجّ بأنّ النصين متعارضان على ما سمعت، ولا يمكن تخصيص العموم في أحدهما بالخصوص في الآخر، لأنّ ذلك إلغاء، ولا يصار إلى الإلغاء إلا إذا تعذّر الجمع، والجمع هنا ممكن، فكان هو المتعين، وبالاعتداد بأبعد الأجلين يحصل الجمع بين النصين، لأنّ مدة الحمل إن زادت فقد تربصت أربعة أشهر وعشرا مع الزيادة، وإن قصرت وتربصت المدة فقد وضعت وتربصت، فيحصل العمل بمقتضى الآيتين.
وأنت تعلم أنّ هذا إنما هو جمع بين المدتين، ولا يعدّ جمعا بين النصين.
وإعمالا لعموم كل منهما في مقتضاه، وذلك أنها إذا وضعت الحمل قبل أربعة أشهر وعشر ثم حكمنا عليها بأنها لا تزال في العدة، كان ذلك إهدارا لمقتضى الحصر والتوقيت في قوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فإنّه ظاهر في أنه لا عدة عليها بعد وضع الحمل، وأنها حلال للأزواج متى وضعت حملها.
وأصحاب هذا الرأي يحرمونها على الأزواج، ويلزمونها القرار في مسكن العدة إلى أن تنتهي أربعة الأشهر والعشر. فكيف يقال بعد ذلك إنّهم عملوا بمقتضى الآية التي معنا؟
وكذلك يقال فيمن مضى عليها أربعة أشهر وعشر ولم تضع حملها إذا ألزمناها

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 784
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست