اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 782
قال ابن جرير الطبري [1] رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: عنى بذلك إن ارتبتم فلم تدروا ما الحكم فيهنّ. وذلك أنّ معنى ذلك لو كان كما قاله من قال: إن ارتبتم بدمائهن فلم تدروا أدم حيض أم استحاضة، لقيل: إن ارتبتنّ، لأنهنّ إذا أشكل الدم عليهن فهن المرتابات بدماء أنفسهن لا غيرهن. وفي قوله: إِنِ ارْتَبْتُمْ وخطابه للرجال بذلك دون النساء الدليل الواضح على صحة ما قلنا من أنّ معناه: إن ارتبتم أيها الرجال بالحكم فيهنّ.
وأخرى: وهي أنّه جل ثناؤه قال: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ واليائسة من المحيض هي التي لا ترجو محيضا للكبر، ومحال أن يقال: واللائي يئسن، ثم يقال: ارتبتم بيأسهن، لأن اليأس هو انقطاع الرجاء، والمرتاب بيأسها مرجو لها، وغير جائز ارتفاع الرجاء ووجوده في وقت واحد اه.
وهذا الذي اختاره ابن جرير وافقه عليه جمهور المفسرين، وليس عليه اعتراض سوى أن يقال: إذا كان معنى إِنِ ارْتَبْتُمْ إن جهلتم عدتهن فسألتم عنها، فأي فائدة في ذكر هذا الشرط بعد أن كان معلوما في كل الأحكام الشرعية أنّ الله أنزلها لتعليم من لا يعلم؟
وأجابوا عن ذلك بأنّ المقصود: إن سألتم عن حكمهنّ، وشككتم فيه، فقد بيناه لكم أيها السائلون، ففيه تنويه بشأن السائلين، وبيان لنعمته تعالى عليهم حين أجاب طلبهم، وأزال ما عندهم من الشك والريب، بخلاف المعرض عن طلب العلم الذي لم يخطر بباله، استوفيت عدد النساء أم لم تستوف؟
وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ مبتدأ خبر محذوف، أي واللائي لم يحضن كذلك، أي عدتهن ثلاثة أشهر، يريد أنّ المعتدة التي لم يسبق لها حيض تعتد بثلاثة أشهر، سواء أكان عدم حيضها لصغر، أم لعلة، أم لمنعه بدواء.
ولا نعلم خلافا في أنّ التي لم تر الحيض أصلا تعتد بثلاثة أشهر، مهما بلغت من السنّ، إلا رواية عن أحمد رحمه الله فيمن بلغت ولم تحض أنّها تتربص تسعة أشهر غالب مدة الحمل، فإن استبان حملها وإلا اعتدت ثلاثة أشهر، فيكون مثلها كمثل التي ارتفع حيضها، لا تدري ما رفعه. والرواية الثانية عن أحمد الموافقة لرأي الجمهور أنها تعتد ثلاثة أشهر، ولم يجعلوا للصغر الموجب للاعتداد بالأشهر حدّا.
أخذ العلماء من قوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أن للإنسان أن يزوّج ولده الصغار، لأنّ الله تعالى جعل على من لم تحض من النساء لصغر أو غيره عدة، ولا يكون على الصغيرة عدة إلّا أن يكون لها نكاح. [1] في تفسيره جامع البيان تفسير القرآن المشهور بتفسير الطبري (28/ 91) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 782