responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 739
فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً أي فمن لم يستطع صيام شهرين متتابعين بأن لم يستطع الصيام: أو لم يستطع تتابعه لسبب من الأسباب، كهرم، ومرض لا يرجى زواله، أو يطول زمانه، أو لحوق مشقة شديدة لا تحتمل عادة، فعليه إطعام ستين مسكينا.
أطلقت الآية إطعام المساكين، ولم تقيده بقدر ولا تتابع، فاقتضى ذلك أنّه لو أطعمهم فغداهم وعشاهم من غير تمليك جاز، وكان ممتثلا لأمر الله تعالى، وهذا قول الجمهور أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وسواء أطعمهم جملة أم متفرقين، وليس معنى هذا [أن] تمليك المساكين لا يجزئ، بل المراد أنّ الآية أمرت بالإطعام الذي هو حقيقة في إعطاء الطعام، سواء أكان ذلك بالتمليك أم بالإباحة، فأيهما وقع من المكفر أجزأه.
وأوجب الشافعية تمليكهم، قالوا: نحن لا ننكر أنّ الآية تحتمل التمليك والإباحة، إلا أنّ السنة وردت بالتمليك، وجرى عرف الشرع في الصدقة الواجبة أنّها مقدرة مشروط فيها التمليك، فكما أنّ الزكاة وصدقة الفطر لا بدّ فيهما من التمليك، كذلك الكفارة لا بدّ فيها من التمليك، ولا تجزئ فيها الإباحة. وذلك لأن التمليك أدفع للحاجة، فلا تقوم مقامه الإباحة.
ثم اختلفت المذاهب في المقدار الذي يملّك لكل مسكين. فقال الحنفية: يعطى لكل مسكين نصف صاع من برّ، أو صاع من شعير أو تمر، ومستندهم في ذلك أخبار ذكرها صاحب «فتح القدير» .
وقال الشافعية: لكل مسكين مدّ من غالب قوت محل المكفّر، لأنّه صحّ في رواية عنه صلّى الله عليه وسلّم تقدير الكفارة بستين مدا، وصحّ في رواية أخرى تقديرها بستين صاعا، والنسخ هنا متعذّر للجهل بالتاريخ، ولإمكان الجمع بين الروايتين، فكان ذلك الجمع متعينا، فحملت رواية الستين صاعا على بيان الجواز الصادق بالندب.
ومذهب مالك فيما روى عنه ابن وهب مدان، وقيل: مد وثلثا مد، وقيل: ما يشبع من غير تحديد.
وظاهر قوله تعالى: فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً أنّه لا بدّ من استيفاء عدد الستين، فلو أطعم واحدا ستين يوما لم يجزه إلا عن واحد. هذا قول الجمهور مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه، والثانية إن وجد غيره لم يجزئه، وإن لم يجد غيره أجزأه. وهو ظاهر مذهبه. والثالثة: أنّ الواجب إطعام طعام ستين مسكينا، ولو لواحد في ستين يوما، وهو مذهب أبي حنيفة [1] رحمه الله، قالوا: لأنّ المقصود سدّ خلة

[1] انظر الهداية شرح بداية المبتدي للمرغيناني (1- 2/ 301) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 739
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست