responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 719
من باب هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان: 11] وقيل: بل هو اسم لما يقرأ من الكلام المنزّل إلخ كالقربان اسم لما يتقرّب به، والمشركون وإن كانوا لا يجهلون أنّه مقروء إلا أنهم كانوا ينازعون في أنه قرآن كريم، وأيضا كانوا يقولون: هو من عند محمد، وكانوا ينكرون تنزيله وأنّ محمدا يتلو عليهم ما سمع من الوحي.
ومعنى كونه كريما: أنّه طاهر الأصل، ظاهر الفضل، يجد فيه كلّ الناس ما يريدون من خير:
«إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا أبدا كتاب الله» «1»
وقد وصف الله القرآن بأوصاف كثيرة، وصفه بكونه حكيما، وبكونه عزيزا، وبكونه كريما، وبكونه مجيدا، وهو كريم، من أقبل عليه أخذ منه ما أراد، وهو عزيز من أعرض عنه ذلّ، وهو حكيم بما اشتمل عليه من كنوز الحكمة، وهو مجيد بما اشتمل عليه من شريف المقاصد.
وقوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) أفاد شيئين: الأول: أنه مظروف في كتاب والثاني: أنّه مكنون. فأما ظرفيته في الكتاب فلنا أن نقول: إنّه على حد فلان كريم في نفسه، حيث لا يراد إنّ المظروف شيء والمظروف فيه شيء آخر، فإنّ الشيء لا يكون ظرفا لنفسه، فالقرآن- وهو كتاب- كريم، في كتاب أي نفسه، أو كريم ثبت كرمه في كتاب، هو اللوح المحفوظ، أو يقال: إنّ المظروف هو جملة إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) والمظروف فيه هو كتاب، ويكون المعنى: إنّ مضمون هذه الجملة ثابت في كتاب هو اللوح المحفوظ، وقد قيل: الكتاب هو اللوح المحفوظ، وقيل: هو المصحف، وقيل: بل هو كتاب من الكتب المنزلة: كالتوراة، والإنجيل. وأما كونه مكنونا: فالمكنون هو المستور، فإن كان الكتاب اللوح المحفوظ فمعنى كونه مكنونا أنّه مستور عن الأعين، لا يطّلع عليه إلا نفر مخصوص من الملائكة، ويصحّ أن نقول: إن المكنون أريد منه المحفوظ، ويكون الكن كناية عن الحفظ، لأنّ الشيء إذا كان شريفا عزيزا لا يكتفى في صونه وحفظه بطرق الحفظ المعتادة، بل يستر عن العيون، وكلّما ازدادت عزته ازداد ستره، زيادة في الصون. فقد استعمل الكن والستر وأريد منه المبالغة في الحفظ والصيانة، وقيل: إنّ معنى كونه في كتاب مكنون كونه محفوظا من التبديل والتغيير، فهو على حد قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) [الحجر: 9] .
وأما قوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) فإما أن نجعله من صفة الكتاب بمعنى اللوح المحفوظ، وإما أن يكون صفة أخرى للقرآن الكريم.

(1) رواه الترمذي في الجامع الصحيح (5/ 621) ، كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم حديث رقم (3786) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 719
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست