responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 702
وكان الظاهر على هذا المعنى أن يقول: ولكنّ الله حبّب إلى بعضكم الإيمان، ولكنّه عمّم الخطاب تعريضا بمن فرط منه ذلك، وإشارة إلى أنهم وقد دخلوا في الإيمان واستقر الإيمان في قلوبهم ما كان ينبغي أن يكون ذلك شأنهم، فاستغني عن التنصيص على خطاب البعض لذلك، وأيضا فإنّه لما ذكر الصفة التي تميز هذا الفريق اكتفى بها عن التنصيص على الموصوف، مراعاة لما في تعميم الخطاب من فائدة التعريض.
ويرى بعضهم أنّ الخطاب لجميع المؤمنين، والمعنى عليه: أنّه لم يلحقكم العنت، لأنّه يعلم أنّه لم يدفعكم إلى ما أنتم فيه إلا حبّكم الإيمان، ومقامه في قلوبكم، وكرهكم الكفر، ونفرتكم من الفسوق والعصيان.
ومعنى تحبيب الإيمان إليهم تقريبه لهم، وإدخاله في قلوبهم، ومعنى تزيينه في قلوبهم إقامته فيها، بحيث لا يفارقها، وذلك أنّ من أحبّ شيئا فقد يفارقه، ولكن إذا زيّن له يستمر في الإقامة عليه والمكث فيه.
وقد ذكر الله الإيمان، وقابله بأمور ثلاثة كرهها إليهم، وهي: الكفر، والفسوق، والعصيان. والإيمان اسم لثلاثة أشياء: التصديق بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح. فالكفر هو الإنكار، وهو يقابل الإذعان بالجنان. والفسوق يقابل الإقرار باللسان، وقد سبق إطلاق الفسق على المجيء بالنبإ الكاذب، وسيجيء إيراده بهذا المعنى في قوله: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وذلك يدلّ على استعمال الفسق في الأمر القولي.
وهو في هذا المعنى مناسب لاشتقاق كلمة الفسق، فإنّها في أصل وضعها تدلّ على الخروج، مأخوذة من فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، فهو يدلّ على الظهور والكذب يظهر ويعرف، فمن ثمّ صحّ إطلاق الفسق عليه. وأما العصيان فهو ترك العمل. ويرى بعضهم أنّ الكفر: الشرك، والفسوق: الكبيرة، والعصيان: الصغيرة.
وقوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ الإشارة فيه إلى الفريق الذي حبّب إليه الإيمان، وزيّن في قلبه، والخطاب فيه للرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي تسميتهم بالراشدين إشارة إلى أنهم أقاموا على اتباع أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ووقفوا عند إرشاده، وعرفوا مقامه ومكانه بينهم، فاستحقوا الرشد وكانوا راشدين. وفيه تعريض بالفريق الآخر حيث ابتعدوا عما يوصلهم إلى الرشد.
فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) قوله: (فضلا) إما منصوب على أنه مفعول له، والعامل فيه فعل مفهوم من قوله (الراشدون) أي وفّقهم الله إلى الرشد، فضلا، منه ونعمة، والعامل فيه حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ويكون قوله: أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ جملة اعتراضية، وإما منصوب عل أنّه مصدر من غير لفظ العامل، وهو الراشدون،

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 702
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست