responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 690
العتق: وقال بعضهم: إنّ المراد إطلاق سراحهم في مقابل ما يأخذه المسلمون منهم، وقد يكون المقابل أسرى من المسلمين عند الكفار، من طريق التبادل، حسبما يتيسر عند المفاداة، وقد يكون المقابل مالا، أو عتادا يأخذه المسلمون في نظير أسرى الحرب.
واختلفوا كذلك في المراد من وضع الحرب أوزارها، بعد الذي علمت من معاني الأوزار، فقال بعضهم: إنّ وضع الأوزار كناية عن الإيمان، والمعنى حتى يؤمنوا ويذهب الكفر، وقال بعضهم: بل المراد حتى ينزل عيسى عليه السلام، وأنت لو نظرت إلى قول الله تعالى: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة: 193] رجحت الأول على الثاني، نعم إنّ نزول عيسى قد ورد فيه أنّه حين يكون لا يكون على ظهر الأرض كافر، ولكنّ نزول عيسى أمر لا شيء في الآية، ولا في غيرها مما جاء في القرآن، يشعر به.
بقي بعد كلّ هذا خلاف العلماء في الأحكام التي دلّت عليها الآية من التخيير بين الاسترقاق والإطلاق دون مقابل والفداء، ألا تزال هذه الأحكام معمولا بها، أم نسخ العمل بها، وتغيّرت الأحكام.
فذهب بعضهم إلى أنّها منسوخة بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: 5] وذهب البعض إلى أنّ النسخ إنما هو في بعض ما تناولته فقط، فهي منسوخة في حقّ عبّاد الأوثان، فهؤلاء لا يمنّ عليهم، ولا يفادون، لأنّنا منهيون عن معاهدتهم، وقال الضحاك: لا نسخ فيها، بل هي باقية الحكم في كل ما دلّت عليه.
ويرى سعيد بن جبير، أنّ الكفار بعد أن يثخنوا ويضعفوا فالحكم فيهم باق لا يتغير، أما قبل أن يضعفوا فلا يجوز أن يكون هناك منّ ولا فداء، وهذا يتفق مع ما أشير إليه في قوله تعالى: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ [الأنفال: 67] وقد اختلف فقهاء الأمصار في ذلك أيضا.
قال الجصاص [1] : اتفق فقهاء الأمصار على جواز قتل الأسير، لا نعلم بينهم خلافا فيه، وقد تواترت الأخبار عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قتل الأسير. منها قتله عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث [وهو الذي قالت أخته:
أمحمّد ها أنت صنو كريمة ... في قومها، والفحل فحل معرق
ما كان ضرّك لو مننت وربّما ... منّ الفتى، وهو المغيظ المحنق
قتل بعد الأسر يوم بدر.
وقتل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد أبا عزّة الشاعر، بعد ما أسر.

[1] انظر أحكام القرآن للإمام أبي بكر الجصاص (3/ 391) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 690
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست