responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 609
شأنهم مخالطتكم، والتردد عليكم بالدخول والخروج، فرفع الحرج عنكم وعنهم في ترك الاستئذان فيما عدا الأوقات الثلاثة. والجملة الثانية مؤكّدة للأولى في بيان الحكمة التي من أجلها رخّص في ترك الاستئذان، إلا أنها أشمل من الأولى، فإنّ معناها أن كلّا منكم لا يستغني عن مخالطة الآخر، فهم طوّافون عليكم، وأنتم طوّافون عليهم. وفي هذا تسلية للماليك والخدم، بأنّ التعاون في الحياة أمر مشترك بين المالك والمملوك والخادم والمخدوم.
وكان من حق المقابلة أن يقال: طوافون عليكم، وأنتم طوافون عليهم. لكن عدل عنه إلى ما في النظم الجليل بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ مراعاة لجانب السادة المخدومين، وتلطفا في التعبير عن حاجتهم إلى المماليك والخدم.
وتدل الآية الكريمة على اعتبار العلل في الأحكام الشرعية، لأنّ الله تعالى نبّه على العلة في طلب الاستئذان في الأوقات الثلاثة بقوله جلّ شأنه: ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ ونبّه على العذر المبيح لترك الاستئذان في غير الأوقات الثلاثة بقوله عزّ اسمه:
طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ.
وتدلّ الآية أيضا على أنّ من لم يبلغ وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع وينهى عن ارتكاب القبائح. على وجه التأديب والتعليم، وليعتاده ويتمرّن عليه، ليكون أسهل عليه عند البلوغ. قال تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً [التحريم: 6] روي في تفسيرها أدّبوهم وعلّموهم.
كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ معنى تبيين الآيات إنزالها مبينة واضحة الدلالة على معانيها وما قصد منها.
يكثر في القرآن أنّ الله جلّ شأنه بعد أن يذكر الآيات واضحة الدلالة مبيّنة بيانا يشفي الصدور، ويعمر القلوب باليقين والاطمئنان، ويحمل السامع على أن يستيقن أن هذا هو البيان، لا بيان بعده، يردف ذلك بقوله عزّ اسمه كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ فينبه المخاطبين على أنّ هذه عادة الله في آياته كلّها يبينها البيان الشافي لقوم يعقلون.
وَاللَّهُ عَلِيمٌ ذو علم شامل لكل معلوم، فيعلم ما يصلح لكم وما لا يصلح حَكِيمٌ فيشرع لكم من الأحكام ما يناسبكم، ويكفل لكم السعادة في المعاش والمعاد.
قال الله تعالى: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) قد يتوهّم بعض الناس أنّ الصبي وقد اعتاد الدخول والتردد على أهل بيت معين إذا بلغ مبلغ الرجال فلا حرج في دخوله بغير استئذان، كسابق عادته، فجاءت هذه

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 609
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست