responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 599
الكسب، وقد يرشّح هذا التفسير قوله تعالى: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: 26] .
وفسّره بعضهم بالحرفة، وفي ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود في «المراسيل» والبيهقي في «السنن» وتعقب هذا القول ابن حجر بأنّ العبد إذا لم يكن أمينا أضاع ما كسبه، فلم يحصل المقصود من كتابته.
وعن قتادة وإبراهيم وابن أبي صالح أنهم فسروه بالأمانة، وضعّفه ابن حجر أيضا بأنّ المكاتب إذا لم يكن قادرا على الكسب كان في مكاتبته ضرر على سيده، ولا وثوق بإعانته بنحو الصدقة والزكاة.
وروي عن علي وابن عباس في رواية ثانية، وابن جريج ومجاهد وعطاء أنهم فسّروا الخير بالمال، ولعلّ مرادهم القدرة على كسب المال، كما هو أحد الأقوال السابقة، وإلّا فهو ضعيف لفظا ومعنى، أمّا ضعفه من جهة اللفظ فلأنّه لا يقال: فيه مال، وإنما يقال: عنده مال أو له مال، وأما ضعفه من جهة المعنى فلأنّ العبد لا مال له، وفسّر الحسن الخير بالصلاح، وهو ضعيف، لأنّه يقتضي ألا يكاتب غير المسلم، وقريب منه تفسير بعض الحنفية إياه بألا يضر بالمسلمين بعد العتق.
بعد أن أمر الله سبحانه وتعالى بإنكاح الصالحين من العبيد والإماء أمر جلّ شأنه بكتابة من يطلب الكتابة منهم، ليكون حرا، فيتصرّف في نفسه.
وأخرج ابن السكن في سبب نزول هذه الآية [1] عن عبد الله بن صبيح قال:
كنت مملوكا لحويطب بن عبد العزى، فسألته الكتابة فأبى، فنزل قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إلخ.
وظاهر الأمر في قوله: فَكاتِبُوهُمْ أنّه للوجوب، وبه قال عطاء، وعمرو بن دينار، والضحاك، وابن سيرين، وداود، وحكاه بعض الناس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أخذا مما رواه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير [2] عن أنس بن مالك قال: سألني سيرين المكاتبة فأبيت عليه، فأتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأقبل علي بالدّرة، وتلا قوله تعالى: فَكاتِبُوهُمْ إلخ وفي رواية أنّه قال:
كاتبه، أو لأضربنّك بالدّرة، وفي أخرى أنه حلف عليه ليكاتبنّه.
وجمهور العلماء على أنّ الأمر في قوله تعالى: فَكاتِبُوهُمْ للندب والاستحباب،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» «3»
ولأنّه لا

[1] انظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (5/ 45) .
[2] في تفسيره جامع البيان، المشهور بتفسير الطبري (18/ 98) .
(3) رواه الإمام أحمد في المسند (5/ 72) . [.....]
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 599
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست