responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 591
استثنى الله ممن لا يصح أن تبدي لهم المرأة زينتها الأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء. وقد علمت أنّ عدم الظهور على عورات النساء له معنيان: فعلى المعنى الأول لا ينبغي للمرأة أن تظهر شيئا من زينتها الباطنة للمراهق الذي لم يبلغ الحلم، لكنه يعرف عورة النساء، ويميز بين ما للرجل وما للمرأة، ويلحق به من كان قريبا من المراهقة إذا كان يميز بين العورة وغيرها، ويستطيع أن يحكي ما يراه، وعلى المعنى الثاني لا يحرم على المرأة أن تبدي زينتها لمن دون المراهقة، ولا للمراهق أيضا إلا إذا كان فيه تشوّق للنساء، والأمر على المعنى الثاني أوسع في الإباحة منه على المعنى الأول.
ويؤيد المعنى الأول أنّ الطفل مأمور بالاستئذان فى أوقات ثلاثة بيّنها الله تعالى بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ [النور: 58] .
ولا شك أن المأمور بذلك من الأطفال إنما هو الطفل الذي يعرف عورات النساء، ويخشى من دخوله في هذه الأوقات التي هي مظنة اختلال التستر أن يحكي ما يراه، ويصف ما يقع عليه بصره، سواء أكان مراهقا أم لا، فالطفل المأمور بالاستئذان في الأوقات الثلاثة، هو الذي يعرف العورة وهو الذي ينبغي للمرأة ألا تبدي له شيئا من زينتها، وعليه يكون المراد بالأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء: الأطفال الذين لا يعرفون ما العورة لصغرهم.
وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ الضرب بالأرجل الدقّ بها على الأرض في المشي، والزينة هنا الخلاخل: أي لا يجوز للمرأة أن تدقّ برجليها في مشيتها لتسمع الناس صوت خلاخلها، فإنّ ذلك يحرك في قلوب الرجال الشهوة، ويدفعهم إلى التطلع إليها، ويحملهم على أن يظنوا بها ميلا إلى الفسوق، وإذا كان السبب في تحريم هذا الفعل هو ما يؤدي إليه من الفتنة والفساد، كان كلّ ما في معناه مما يجر إلى الفتنة والفساد ملحقا به في التحريم، كتحريك الأيدي بالأساور، وتحريك الجلاجل في الشعر. فالتنصيص في الآية على الضرب بالأرجل ليس لقصر النهي عليه، بل لأنّ هذا هو ما كان عليه نساء الجاهلية، فقد كانت إحداهنّ تمشي في الطريق، حتى إذا مرت بمجلس من مجالس الرجال وفي رجلها خلخال ضربت برجلها الأرض، فصوّت الخلخال. فنهى الله سبحانه المؤمنات عن ذلك.
وظاهر الآية أنهنّ منهيات عن الضرب بأرجلهن، بقصد أن يعلم الناس ما يخفين من زينة، فيقتضي بمفهومه أنّه لا إثم على المرأة أن تضرب برجلها إذا لم تقصد بذلك تنبيه الناس على زينتها، ولعلّ هذا غير مراد، وإنّ تقييد النهي عن الضرب بحالة القصد إنما هو لموافقة سبب النزول، ومثل هذا لا يعتبر مفهومه.
ويصحّ أن تكون اللام في قوله تعالى: لِيُعْلَمَ لام العاقبة، ويكون المعنى

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 591
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست