responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 58
مكتف بنفسه، بل محتاج إلى العجز؟ ولا يتم الكلام إلى عند قوله: وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى ذهب الحنفية إلى الأول، والآخرون إلى الثاني.
قال الحنفية: إنّ الله أوجب قتل القاتل بصدر الآية. وهذا يعم كلّ قاتل: سواء كان حرا قتل عبدا أم غيره. وسواء كان مسلما قتل ذميا أم غيره.
وأما قوله: الْحُرُّ بِالْحُرِّ فإنما هو بيان لما تقدّم ذكره على وجه التأكيد، وذكر الحال التي خرج عليها الكلام، وهي ما كان يفعله بعض القبائل، من أنهم يأبون أن يقتلوا في عبدهم إلا حرا، وفي امرأتهم إلا رجلا. على ما جاء في حديث الشعبي.
فأبطل ما كان من الظلم، وأكّد فرض القصاص على القاتل دون غيره، وإذا كان ذلك كذلك فليس في الآية دلالة على أنه لا يقتل الحر بالعبد، كما أنها لم تدل باتفاق على أنه لا يقتل الرجل بالمرأة، وكما أنها تدل على أنه لا يقتل العبد بالحر، ولا المرأة بالرجل باتفاق أيضا، فمناط الاستدلال عندهم: أن صدر الآية عامّ، وذكر الحر بالحر وما بعده ليس تقييدا، بل هو إبطال لما كانوا يفعلونه من الظلم.
وقالوا: في معنى الآية قوله تعالى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ [الإسراء: 33] فانتظم جميع المقتولين ظلما، عبيدا كانوا أو أحرارا، مسلمين أو ذميين، وجعل لوليهم سلطانا، وهو القود.
وقوله: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة: 45] وهو عموم في إيجاب القصاص في سائر المقتولين، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ، ولم نجد ناسخا.
وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ [البقرة: 194] وقوله:
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل: 126] .
وقد جاءت السنة أيضا بما يفيد هذا العموم في العبيد،
فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم» «1»
فقال: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»
ولم يفرّق بين عبد وحرّ في ذلك.
فإن قيل: إن قوله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ [البقرة: 178] يفيد أن الآية في المسلمين، قالوا: إنّ هذا حكم، وهذا حكم، وخصوص الثاني لا يفيد خصوص الأول.
قال الله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: 228] وهذا عموم في المطلّقة ثلاثا وما دونها، ثم عطف قوله تعالى: فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
[البقرة: 231] وقوله: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً [البقرة: 228] .

(1) رواه أبو داود في السنن (4/ 179) ، كتاب الديات، باب إيقاد المسلم بالكافر حديث رقم (4530) ، والنسائي في السنن (7- 8/ 392) حديث رقم (4759) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست