اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 563
تكلموا في كل واحد منها، فإنّ الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه يحتجّ به لما عرف في موضعه.
وهذا الذي ذهب إليه الحنفية قال به الأوزاعي والثوري وجماعة، وهو رواية عن أحمد رحمه الله.
وذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية أخرى إلى أنّ اللعان يصحّ من كلّ زوجين، سواء أكانا مسلمين أم كافرين، عدلين أم فاسقين، محدودين في قذف أم غير محدودين، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وربيعة وسليمان بن يسار. وحجتهم في ذلك عموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ قالوا: وقد سمّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اللعان يمينا،
فإنّه لما علم أن امرأة هلال بن أمية جاءت بولدها شبيها بشريك بن سحماء قال فيها: «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» رواه أبو داود
بإسناد لا بأس به [1] . يريد صلّى الله عليه وسلّم بالأيمان ما سبق من لعانها. فقد سمّى كلمات اللعان أيمانا، فلا يشترط في المتلاعنين إلا ما يشترط في أهل الأيمان.
وقالوا أيضا: إنّ حاجة الزوج الذي تصحّ منه الشهادة إلى اللعان ونفي الولد كحاجة من تصحّ شهادته سواء، والأمر الذي نزل به مما يدعو إلى اللعان، كالذي ينزل بالعدل الحر، وليس من محاسن الشريعة أن ترفع ضرر أحد النوعين وتجعل له فرجا ومخرجا مما نزل به، وتدع النوع الآخر في الآصار والأغلال لا مخرج مما نزل به ولا فرج.
وأما الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فقد علمت ما فيه من الاحتمالات.
وكذلك علمت ما في حديث عمرو بن شعيب، فلم يبق إلا الكلام في ألفاظ اللعان: أهي شهادة أم يمين، فالحنفية وموافقوهم غلّبوا فيها جانب الشهادة، فشرطوا في المتلاعنين أهلية الشهادة.
والشافعية وموافقوهم غلّبوا فيها معنى اليمين، فلم يشترطوا في المتلاعنين إلا أن يكونا ممن تصح أيمانهم.
ظاهر قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الآية يقتضي أنّ الزوج إذا قذف امرأته بعد الطلاق أنه لا لعان بينهما، لأنها حينئذ ليست زوجة، وبهذا الظاهر قال عثمان البتي [2] .
وقال أبو حنيفة والشافعي: إذا وقع القذف في عدّة طلاق رجعي جرى بينهما اللعان، لأنّ المطلقة طلاقا رجعيا في حكم الزوجة ما دامت في العدة. وقال مالك [1] انظر سنن أبي داود (2/ 253) ، كتاب الطلاق، باب اللعان حديث رقم (2254) . [2] عثمان البتي، فقيه البصرة، أبو عمرو، بيّاع البتوت (الأكسية الغليظة) اسم أبيه مسلم وقيل أسلم وقيل سليمان وأصله من الكوفة، انظر سير أعلام النبلاء للذهبي (6/ 364) ترجمة (891) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 563