responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 520
يناسبه ما ورد في الآية الآتية من اجتباء المخاطبين، وتسميتهم بالمسلمين، وإعلاء شأنهم بقبول شهادتهم على الأمم يوم القيامة.
وقد اختلف في المراد بالركوع والسجود في الآية. فقال الحنفية: إن المراد بهما معا الصلاة، فالأمر بهما أمر بالصلاة، وإنما عبّر عن الصلاة بهما لأنهما أهم أركانها وأفضلها. وقيل: إنهما كنايتان عن الذلة والخضوع. وقيل: المراد معناهما الشرعي المعروف. وقد أمر بهما لأنّ الناس في أول الإسلام كانوا يصلون تارة بغير ركوع، وتارة بغير سجود، فالله أمرهم بإتمام الصلاة والإتيان فيها بالركوع والسجود.
وقال الشافعية إنّ الركوع مجاز عن الصلاة لاختصاصه بها. أما السجود فالمراد به سجود التلاوة. والعبادة: هي كل فعل تتجلى فيه الذلة والاستكانة تحت قهر الإله وسلطانه، وعلى هذا قيل: إن المراد بها التكاليف التي تربط العبد بربه، فهي أعمّ مما قبلها.
أما فعل الخيرات فهو عام للتكاليف جميعها، يشمل ما يصلح علاقة العبد بالرب، وما يصلح علاقات الناس بعضهم مع بعض، فأنت تجد هذه الأوامر مرتبة، بدئ فيها بعبادة خاصة: وهي الصلاة، ثم ثنّي بما هو أعم منها: وهو جميع العبادات، ثم أتبع ذلك بما هو أعم من الكل: وهو فعل الخيرات الشامل للعبادات وللإحسان في المعاملات، وبعضهم حمل العبادة على الفرائض، وفعل الخير على النوافل.
والفلاح: هو الفوز بنيل البغية، ولا شكّ أن بغية كل عابد سائر على نهج الشريعة إنما هي السعادة الدائمة في الآخرة، وهناءة العيش في الدنيا، وقد علمت آنفا ما ينبغي أن يقال في كلمة (لعل) الواردة في كلام الله تعالى. ويصحّ أن يراد منها هنا أيضا الرجاء الحقيقي.
ولكن على تقدير صدوره من العباد فيكون المعنى عليه: يا أيها الذين آمنوا صلوا، وأدوا لله كل ما تعبدكم به، وافعلوا كلّ ما كلّفكم مما فيه الخير لكم ولأمتكم حالة كونكم راجين الفلاح، ومتوقعين الفوز ودرك الرغائب، فالله سبحانه يرشد المؤمنين إلى أنّه ليس من شأن العبد الذليل الذي يشعر قلبه الخشية من الله والخوف من جبروته أن يقطع بنتيجة في عمل من الأعمال التي كلّفها، بل ينبغي أن تكون حاله بعد أن يحسن عمله حالة الرجاء، وتوقع ما يؤمّل من نتيجة صالحة، إذ إن العواقب مجهولة، وقد يكون مقصّرا بعض التقصير في أعماله، فلم يأت بها على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه.
ظاهر من الآية أنها قد جمعت أنواع التكاليف، وأحاطت بفروع الشريعة، فلم يفلت منها فرض ولا ما دون الفرض، وظاهر أيضا أنها قصدت إلى الصلاة التي هي

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست