responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 512
هذا ويؤخذ من الاقتصار في الآية على البدن مع ورود الشرع بجواز الهدي من بهيمة الأنعام أنّ البدن في الهدايا أفضل من غيرها من البقر والغنم.
ويؤخذ من الآية أيضا: الندب إلى نحر الإبل وهي قائمة معقولة إحدى القوائم، وأنه لا يجوز أن يؤكل منها بعد نحرها حتى تفارقها الحياة.
ومقتضى الأمر في قوله جلّ شأنه: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ وجوب ذكر اسم الله حينئذ، وهو يؤيّد بظاهره قول من يرى من الأئمة وجوب التسمية على الذبيحة. ومن يرى ندب التسمية يؤوّل الأمر على الندب، أو يؤول ذكر اسم الله على الشكر والثناء.
أما حكم الأكل منها وإطعام الفقراء فقد سبق لك القول فيه.
قال الله تعالى: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) النيل: الإدراك والإصابة.
والتكبير في الآية: قيل: إنه ما يكون عند الذبح: بسم الله، الله أكبر، والأحسن أن يفسّر بالتعظيم والتقديس والشكر.
والإحسان: هو إتقان العمل، والإتيان به على الوجه المطلوب، ومنه
قوله صلّى الله عليه وسلّم لما سئل عن الإحسان: «أن تعبد الله كأنّك تراه» [1] .
المعنى: بأنّ من يريد رضا الله تعالى فلا يظن أنه يدرك ذلك باللحوم والدماء من حيث إنها لحوم ودماء، وإنما ينال ذلك بالتقوى والإخلاص، في العمل، فإنّ الأعمال دون التقوى والإخلاص كصور أجسام لا روح فيها ولا حياة.
وللآية وجه آخر من التفسير- إن صح ما قيل في سبب نزولها- ذلك أنّه روي عن ابن عباس ومجاهد أنّ جماعة من المسلمين كانوا هموا أن يفعلوا في ذبائحهم فعل أهل الجاهلية، يقطعون لحومها، وينشرونها حول الكعبة، وينضحون عليها من دمائها، فنزلت الآية تزجرهم عن هذا الفعل، وترشدهم إلى ما هو الأجدر بهم والأليق بإيمانهم أن يفعلوه في ذبائحهم، حتى يدركوا رضا الله تعالى.
وعلى هذا يكون المعنى: أن من يريد رضا الله تعالى، ويرجو أن ينال منه المثوبة بما يقرّب من هدي، فلا يظن أنّه ينال ذلك باللحم يقطعه وينثره، ولا بالدم يلطخ به الكعبة الطاهرة فعل أهل الشرك من الجاهلية، وإنما ينال ذلك بتقوى الله، والبعد عن مثل تلك الأعمال التي تجانب روح الإسلام وطهارته، والتي ليس فيها شيء من الإخلاص لله.

[1] رواه مسلم في الصحيح كتاب الإيمان حديث رقم (37) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 512
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست