responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 509
قد يقال: أنّ وصف المخبتين في هذه الآية بأنّهم الذين يجلون عند ذكر الله يخالف ما وصفوا به في قوله عزّ اسمه: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ [الرعد: 28] فما هذا، وكيف يكون التوفيق بين آيتين إحداهما تثبت أنّ ذكر الله موجب للخوف والوجل، والأخرى تصرّح بأن ذكر الله يوجب سكون القلوب واطمئنانها، وزوال ما قد يعتريها من خوف وفزع أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28] .
والجواب أن الاطمئنان والوجل أمران يجدهما المؤمن المتقي، ويشعر بهما في قلبه في حالتين متمايزتين، ولسببين مختلفين، فهو إذا استحضر وعيد الله امتلأت نفسه هيبة، واقشعر جلده، ووجف قلبه، وخاف عذاب الآخرة، ثم إذا لمح جانب الوعد الكريم، واستحضر رحمة الله وسعة عفوه اطمأن قلبه، وسكن روعه، وصدق قول الله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ فالحالة الثانية حالة الوعد والأولى حالة الوعيد، وأيضا فإنّ المؤمن كثيرا ما تصادفه في هذا الدنيا عقبات وشدائد، إذا عرضت لضعيف الإيمان واهن العزيمة اضطرب لها قلبه، وانشعب منها فؤاده، واستولى عليه الفزع والهلع. أما المؤمن الصادق فإنه يرجع بها إلى الله، ويستعين عليها بذكر الله، فيرتاح لكل ما يجري به قضاؤه وقدره، فهذه حالة السكون والاطمئنان إلى ذكر الله.
أما خوفه ووجله فهو لكون تقصيره فيما عليه من موجبات العبودية للواحد القهار، وهذا الخوف تلتهب له نفسه، ويرتجف له جنانه.
يؤخذ من الآية: أن التقوى، والخشية، والصبر على المكاره، والمحافظة على الصلاة، والرحمة بالفقراء، والإحسان إليهم، من أعظم ما ينال به العبد رضا الله تعالى، لما لها من الشأن العظيم، إذ عليها يقوم صلاح العباد والبلاد.
قال الله تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) (البدن) جمع بدنة، وهي اسم للواحد من الإبل ذكرا أو أنثى، سميت بذلك لعظم بدنها. وقد اشتهر إطلاقها في الشرع على البعير يهدى إلى الكعبة، وقد تطلق البدنة على البقرة أيضا لما أنها تجزئ في الهدي والأضحية عن سبعة كالبعير.
قال الحنفية: إن البدنة صارت من قبل المشترك في المعنيين، فمن نذر بدنة أجزأته بقرة. وبذلك قال عطاء وسعيد بن المسيب.
روى مسلم [1] عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كنّا ننحر البدنة عن سبعة:
فقيل: والبقرة؟ قال: وهل هي إلا من البدن.

[1] رواه مسلم في الصحيح (2/ 955) ، 15- كتاب الحج، 62- باب الاشتراك حديث رقم (353/ 1318) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 509
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست