responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 502
العميق الذي لا ينجو من قذف فيه. ونتيجة هذه التشبيهات واحدة، والغرض من ذلك كله تقبيح حال الشرك، والتنفير منه.
ولا يخفى عليك ما يؤخذ من هذه الآية من الأحكام فيما يتعلق بحرمات الله، والانتفاع بالأنعام، والإشراك بالله، وشهادة الزور.
وليس في قوله تعالى: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ما يدل على تعزير شاهد الزور، فإنّ غاية ما أفاده تحريم شهادة الزور، وما روي عن عمر رضي الله عنه من أنه كان يعزّر شاهد الزور، ويأمر فينادى عليه بالأسواق. وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد، فإنما ذلك شيء يرجع إلى السياسات الشرعية، فللحاكم أن يفعل من ذلك ما يراه أحفظ لحقوق العامة، وأردع لأهل الفساد.
قال الله تعالى: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الشعائر: العلامات التي تعرف بها الأشياء، فهي تشعر بها وتدل عليها، وقد اختلف في المراد بها هنا: فقيل: إنها الدين كله أوامره ونواهيه، فهي شعائر الله، لأنّ امتثالها والوقوف عند حدودها يدل على الطاعة لله تعالى، والإخلاص له. وقد اضطر من يقول بهذا أن يفسّر البيت العتيق في قوله جلّ شأنه: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ بالجنة، وهو كما ترى بعيد.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما والإمام مالك والحسن: إنها عرفة، ومنى والصفا والمروة، والبيت الحرام، وغيرها من مواضع الحج، وهو لا يخلو من شيء، فإن الله تعالى قال في شأنها: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ والمحلّ في الحج قد اشتهر في المكان الذي تذبح فيه الهدايا كما سيأتي. فالظاهر أنّ المراد بالشعائر الأنعام التي تساق هديا للكعبة، كما روي عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما وسميت بذلك لأنّها تدل على الحج، أو على طاعة سائقيها لله تعالى، وتعظيمها يكون بأن تختار سمينة حسنة غالية الأثمان.
والتقوى هي الخشية التي تبعث على اتباع الأوامر واجتناب المناهي. ولا يخفى عليك أنّ الضمير في كلمة فَإِنَّها عائد على الشعائر، وهي لا تصلح أن تكون بعضا من التقوى إذا كانت (من) للتبعيض، ولا أن تكون ناشئة من التقوى إذا كانت (من) للابتداء، فلا بد من تقدير يصلح لذلك. كما أنك تعلم أنه لا بد من رابط في قوله:
فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ يعود على المبتدأ، وهو (من) فيكون مآل الكلام هكذا: ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنّ تعظيمه إياها من تقوى القلوب.
هذا ويصحّ في ضمير (فإنها) أن يكون راجعا إلى حالة المعظّم التي يدل عليها الفعل السابق في الآية، وعلى هذا فلا يحتاج إلا إلى الرابط فقط، والمعنى أنّ من

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 502
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست