responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 381
وقوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ معناه بما استودعوا من علمه، وقد أخذ الله على العلماء حفظ كتابه على وجهين:
أحدهما: أن يحفظوه في صدورهم ويدرسوه بألسنتهم.
والثاني: ألا يضيعوا أحكامه ولا يهملوا شرائعه. ويتعلق قوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا بالأحبار على معنى العلماء أو (يحكم) .
وقوله: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ خطاب لليهود الذين كانوا في عصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد أقدموا على تحريف التوراة خائفين أو طامعين، ولما كان الخوف أقوى تأثيرا من الطمع قدّم الله ذكره فقال: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ والمعنى:
إياكم أن تحرفوا كتابي خوفا من الناس والملوك والأشراف، فتسقطوا عنهم الحدود الواجبة عليهم، وتستخرجوا الحيل في سقوط تكاليف الله تعالى عنهم، فإنما يخشى العاقل عقاب ربّه وحده.
ثم أتبع أمر الخوف بأمر الطمع والرغبة فقال: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا أي كما نهيتكم عن تغيير أحكامي من أجل الرهبة أنهاكم عن التغيير للطمع في المال أو الجاه، فمتاع الدنيا قليل، والرشوة التي تأخذونها سحت، لا بقاء لها، ولا منفعة، فلا ينبغي أن تضيّعوا بها الدّين والثواب الدائم.
وقوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ وعيد شديد، المقصود منه تهديد اليهود الذين أقدموا على تحريف حكم الله في الزاني المحصن والاقتصاص من القاتل المعتدي، ومعناه أنهم لما أنكروا حكم الله المنصوص عليه في التوراة، وقالوا: إنّه غير واجب، أصبحوا كافرين، لا يستحقون اسم الإيمان لا بموسى والتوراة، ولا بمحمد والقرآن.
هذا وقد احتج جماعة بهذه الآية على أنّ شرع من قبلنا لازم علينا إلا إذا قام الدليل على صيرورته منسوخا، لأنّ الله تعالى يقول: فِيها هُدىً وَنُورٌ والمراد بيان أصول الشرع وفروعه، ولو كانت التوراة منسوخة غير معتبرة الحكم بالكلية لما كان فيها هدى ونور، ولا يمكن أن يحمل الهدى والنور على ما يتعلق بأصول الدين فقط للزوم التكرار، على أن هذه الآية إنما نزلت في مسألة الرجم، فلا بد أن تكون الأحكام الشرعية داخلة فيها، لأنا- وإن اختلفنا في أنّ غير سبب نزول الآية هل يدخل فيها أم لا- غير مختلفين في أنّ سبب نزول الآية يجب أن يكون داخلا فيها.
وأيد الخوارج أيضا بآخر هذه الآية قولهم: كلّ من عصى الله فهو كافر، فقالوا إنها نص في أنّ كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله. ولم يوافقهم جمهور الأئمة، بل دفعوا شبهتهم بأن قوله تعالى:

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست