responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 368
مع أصحابه على أنهم إذا قتلوا فقط يقتلون، وإذا أخذوا المال فقط تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف لا غير، وإن أخافوا الطريق ولم يأخذوا مالا ولم يقتلوا نفسا ينفون من الأرض.
حجة المالكية ظاهر الآية، فإنّ الله تعالى ذكر هذه الأجزية بكلمة (أو) وهي موضوعة للتخيير، كما في كفارة اليمين، وكفارة جزاء الصيد، فيجب العمل بحقيقة هذا الحرف ما لم يدل الدليل على خلافه، ولم يوجد، فيثبت التخيير.
حجة الشافعية والصاحبين وأكثر العلماء: أنّ الآية لا يمكن إجراؤهما على ظاهر التخيير في مطلق المحارب لأمرين:
الأول: أن العقل يقضي أن يكون الجزاء مناسبا للجناية، يزداد بازديادها، وينقص بنقصها، وقد وردت الشريعة بهذا الذي يراه العقل حيث قال تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى: 40] فالتخيير في جزاء الجناية القاصرة بما يشمل جزاء الجناية الكاملة، وفي الجناية الكاملة بما يشمل جزاء القاصرة خلاف المشروع، يؤيّد هذا إجماع الأمة على أنّ قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال لا يكون جزاؤهم المعقول النفي وحده، وهو يدل على أنّه لا يمكن العمل بظاهر التخيير.
والثاني: أن التخيير الوارد في الأحكام المختلفة بحرف التخيير إنما يجري على ظاهره إذا كان سبب الوجوب واحدا، كما في كفارة اليمين، وكفارة جزاء الصيد، أما إذا كان السبب مختلفا، فإنّه يخرج التخيير عن ظاهره، ويكون الغرض بيان الحكم لكل واحد في نفسه، وقطع الطريق متنوع، وبين أنواعه تفاوت في الجريمة، فقد يكون بأخذ المال فقط، وقد يكون بالقتل لا غير، وقد يكون بالجمع بين الأمرين، وقد يكون بالتخويف لا غير، فكان سبب العقاب مختلفا، فلا يحمل ظاهر النص على التخيير، بل يحمل على بيان الحكم لكل نوع، فيقتلون ويصلبون إن قتلوا وأخذوا، وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال لا غير، وينفون من الأرض إن أخافوا الطريق ولم يقتلوا نفسا ولم يأخذوا مالا.
ونظير ذلك قوله تعالى: قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً [الكهف: 86] فإنّه ليس الغرض التخيير، وإنما المعنى ليكن شأنك مع قومك تعذيب من جحد وظلم، والإحسان إلى من آمن وعمل صالحا، فلما اختلف السبب لم تحمل الآية على التخيير، بل على بيان الحكم لكل نوع.
ويؤيد ما ذهب إليه أبو حنيفة أنّ الآية لا يمكن صرفها إلى ظاهر التخيير في مطلق المحارب، فإما أن تحمل على ترتيب الأحكام ويضمر في كل حكم ما يناسبه من الجنايات، وفيه إلغاء حرف التخيير بالمرة، وإما أن يعمل بظاهر التخيير بين

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 368
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست