responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 347
السهام، وكانت موضوعة في حقيبة حول الكعبة، فيخرج منها واحدا فإن خرج الآمر مضى لحاجته، وإن خرج الناهي أمسك، وإن خرج الغفل أعاد التناول، وسميت هذه السهام أزلاما لأنّها زلمت بضم فكسر، أي سوّيت، فلم يكن نتوء أو انخفاض، وإنما ذكر هذا النوع هنا مع أنه ليس من المطعوم، لأنه لما كان يعمل حول الكعبة ذكر بجانب ما ذبح على النصب التي حول الكعبة.
ثم قوله تعالى: ذلِكُمْ فِسْقٌ يحتمل أن يكون راجعا إلى كل ما تقدم، أي أنّ التلبس بما تقدم ذكره تمرّد وخروج على أحكام الله تعالى، ويحتمل أن يكون راجعا إلى الاستقسام بالأزلام، والمعنى أنّهم فسقوا وخرجوا عن الحد بالاستقسام بالأزلام، لأنّهم إن أرادوا بالرب في قولهم: أمرني ونهاني ربي جانب الله تعالى كانوا قد كذبوا على الله، وافتروا عليه، وإن أرادوا الأصنام كان ذلك شركا وجهالة، وعلى كلّ فقد فسقوا وتمردوا، وخرجوا عن الحد.
فإن قيل: إن الاستقسام بالأزلام لم يخرج عن أنه من جملة الفأل، وكان عليه السلام يحب الفأل [1] فلم صار فسقا؟
أجيب بالفرق بين الفأل وبين الاستقسام بالأزلام، فإنّ الفأل أمر اتفاقي تنفعل به النفس وتنشرح للعمل مع رجاء الخير منه، بخلاف الاستقسام بالأزلام فإنّ القوم كانوا يعملون بالأزلام عند الأصنام، ويعتقدون أن ما يخرج من الأمر والنهي على تلك الأزلام بإرشاد الأصنام وإعانتها، فلهذا كان الاستقسام بها فسقا وكفرا.
ولما حذّر الله تعالى المؤمنين من تعاطي المحرمات التي ذكرها حرضهم على التمسك بما شرعه لهم، وثبته في قلوبهم، وبشرهم بما يقوّي عزيمتهم ويربّي فيهم الشجاعة والشهامة فقال: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ أي من إبطال دينكم وغلبتكم عليه فَلا تَخْشَوْهُمْ أي لا تخافوا من أن يظهروا عليكم، واخشوا جانب الله تعالى فقط، أي استمروا على خشيته، والإخلاص له.
والمراد باليوم الزمان الحاضر، وما يتصل به من الماضي والآتي. وقيل المراد يوم نزول هذه الآية، وهو يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع، والنبي صلّى الله عليه وسلّم واقف بعرفات على ناقته العضباء.
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ليس المراد بإكمال الدين أنه كان ناقصا قبل اليوم ثم أكمله، وإنما المراد أن من أحكامه قبل اليوم ما كان مؤقتا في علم الله، قابلا للنسخ، ولكنها اليوم قد كملت، وصارت مؤبّدة صالحة لكل زمان ومكان، والمراد بإكماله إتمامه في نفسه وفي ظهوره، أما إتمامه في نفسه فكان

[1] رواه أحمد في المسند (2/ 332) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست