responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 33
النسخ: هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. فقولنا: (رفع الحكم الشرعي) يخرج المباح بحكم الأصل، فإنّ رفعه بدليل شرعي ليس بنسخ، وقولنا:
(بدليل شرعي) يخرج رفعه بالموت، والنوم، والغفلة، والجنون، فإنّ الرفع فيها من طريق العقل، وإن جاء الشرع موافقا له في مثل:
«رفع القلم عن ثلاث» [1] .
وقولنا: (متأخر) يخرج نحو صلّ عند كل زوال إلى آخر الشهر، ونحو ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187] وقد لا يحتاج إلى مثل هذا، لأنّ الحكم لم يثبت إلا بآخر الكلام، فلا يقال: إنه رفع. والنسخ جائز عقلا بإجماع أهل الشرائع طرا، ولم يخالف في ذلك إلا اليهود، ثم هو واقع بإجماع المسلمين، لم يخالف فيه إلا أبو مسلم الأصفهاني [2] .
أما الجواز فأمر مفروغ منه، لأنّا نقطع به، لأنه لو وقع لم يترتب على فرض وقوعه محال، ولا معنى للجواز إلا هذا، ذلك بفرض أنّا لم نعتبر المصالح في التشريع، أما لو راعينا أنّ التشريع قائم على أساس المصالح، فالمصالح تختلف باختلاف الأوقات، فما يكون صالحا في وقت قد لا يكون صالحا في كل الأوقات، كشرب دواء في وقت دون وقت، فلا بد في أن تكون المصلحة في وقت تقتضي شرع حكم، ثم رفعه بعد ذلك الوقت، والأمثلة في ذلك كثيرة ومشاهدة. وأما الوقوع فقد حصل النسخ في الشرائع السابقة، وفي نفس شريعة اليهود، فإنه جاء في التوراة: أن آدم عليه السلام أمر بتزويج بناته من بنيه، وقد حرّم ذلك باتفاق.
وأما الرد على الأصفهاني، فقد أجمعت الأمة على أنّ شريعتنا ناسخة لما يخالفها من الأحكام التي كانت في الشرائع السابقة، وقد وقع النسخ في نفس شريعتنا، فقد كانت القبلة في الصلاة أولا إلى بيت المقدس، ثم تحولت إلى الكعبة، وكانت الوصية للوالدين والأقربين واجبة، وقد نسخت بآيات المواريث،
وبالحديث «لا وصيّة لوارث» «3»
وعدة المتوفى عنها زوجها كانت مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [البقرة: 240] . ثم نسخت بآية: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة: 234] .
وإذا ثبت أن النسخ جائز وواقع فلنرجع إلى تفسير الآية. مِنْ آيَةٍ: تخصيص لما في اسم الشرط من العموم، آية مفرد وقع موقع الجمع، والمعنى: أي شيء من الآيات ننسخ، وهي في الأصل الدليل والعلامة، وشاع استعمالها في طائفة من القرآن معلومة

[1] رواه أبو داود في السنن (4/ 130) في كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق حديث رقم (4398) .
[2] محمد بن بحر توفي سنة 322 هـ. من أهل أصفهان معتزلي كان عالما بالتفسير، انظر الأعلام للزركلي (6/ 50) .
(3) رواه الترمذي في السنن (4/ 337) في كتاب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث حديث رقم (2120) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست