responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 306
من بني عامر بن لؤي، فأتوه بالمدينة، وكان عياش أحبّ إخوته إلى أمه، فكلّموه وقالوا: إنّ أمك قد حلفت ألا يظلّها بيت حتى تراك، وهي مضطجعة في الشمس، فإنها لتنظر إليك، ثم أرجع وأعطوه موثقا من الله لا يحجزونه حتى يرجع إلى المدينة، فأعطاه بعض أصحابه بعيرا له نجيبا، وقال: إن خفت منهم شيئا فاقعد على النجيب، فلما أخرجوه من المدينة أخذوه فأوثقوه، وجلده العامري، فحلف ليقتلن العامريّ، فلم يزل محبوسا بمكة حتى خرج يوم الفتح، فاستقبله العامري، وقد أسلم، ولا يعلم عياش بإسلامه، فضربه فقتله، فأنزل الله وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً يقول: وهو لا يعلم أنه مؤمن وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فيتركوا الدية.
قد أوجب الله القصاص في القتل في آية البقرة كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى [البقرة: 178] وأوجب الدية والكفارة في القتل الخطأ في الآية التي معنا، فيعلم أن الذي وجب فيه القصاص هو القتل العمد، لا ما يشمل الخطأ، وقد رأى مالك في بعض الروايات عنه أنّ القتل إما عمد وإما خطأ، ولا ثالث لهما، لأنّه إما أن يقصد القتل فيكون عمدا، أو لا يقصده فيكون خطأ، ولا واسطة، والكتاب يساعده.
أما سائر فقهاء الأمصار فقد أثبتوا واسطة بين العمد والخطأ، وهو شبه العمد، وإلى ذلك ذهب عمر وعلي وعثمان وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري والمغيرة، ولا مخالف لهم من الصحابة، وحجتهم في إثباته أن النيات مغيّبة عنا، لا اطلاع لنا عليها، وإنما الحكم بما ظهر، فمن قصد ضرب آخر بآلة تقتل غالبا حكمنا بأنه عامد، لأنّ الغالب أنّ من يضرب بآلة تقتل يكون قصده القتل، ومن قصد ضرب رجل بآلة لا تقتل غالبا كان مترددا بين العمد والخطأ، فأطلقنا عليه شبه العمد، وهذا بالنسبة إلينا لا بالنسبة إلى الواقع ونفس الأمر، إذ هو في الواقع إما عمد وإما خطأ، وقد أشبه العمد من جهة قصد الضرب، وقد أشبه الخطأ من جهة أنّ الآلة لا تقتل غالبا.
وقد استدلوا أيضا بما
روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ألا إنّ قتل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا والحجر ديته مغلظة مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها
، وهو حديث مضطرب عند أهل الحديث [1] ، ذكر أبو عمر بن عبد البر [2] أنه لا يثبت من جهة الإسناد. ومالك رحمه الله يرى أنّ ما يسمى شبه عمد هو عمد يجب

[1] رواه أبو داود في السنن (4/ 199) ، كتاب الديات، باب الدية حديث رقم (4588) ، والنسائي في السنن (7- 8/ 409) ، كتاب القسامة باب كم دية شبه العمد حديث رقم (4805) ، وابن ماجه في السنن (2/ 877) ، كتاب الديات باب شبه العمد حديث رقم (2627) .
[2] هو عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي صاحب كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والمسانيد.
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست