اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 248
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ والتعجب إنما يتم إذا كان هذا الإفضاء سببا قويا في حصول الألفة والمحبة، وهو الجماع. وقد ذكر الفخر الرازي وجوها عدة أخرى وأطال فيها [1] .
ونحن نرى أن هذه الآية لم تنزل في تقرر الصداق وعدمه، فنزلت فيه آية:
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ [البقرة: 237] فجعل التنصيف بالطلاق قبل المسيس، فينبغي أن يعلم ما المراد بالمسيس أهو الخلوة أم الدخول وقد تقدم ذلك في سورة البقرة.
أما قوله تعالى: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً فهذا إنكار وتوبيخ للأزواج على ذلك الغصب. والبهتان في اللغة: الكذب الذي يواجه الإنسان به صاحبه على جهة المكابرة. وأصله من بهت الرجل إذا تحيّر، فالبهتان كذب يحير الإنسان لعظمه، وكان مقتضى الظاهر ألا يؤتى بوصف البهتان هنا لعدم ظهور الكذب فيه، بل كان يوصف بالظلم مثلا، ولذلك اختلف العلماء في هذه اللفظة، وتقرير مناسبتها، فقال بعضهم:
إنه أطلق على كل باطل يتحيّر من بطلانه بهتان.
وقيل: إنه إذا طلقها وأخذ منها ما آتاها- مع أن الله لم يبح ذلك إلا في حالة إتيانها بالفاحشة- أشعر ذلك أنها قد أتت بفاحشة، فكان أخذ المال طعنا فيها من وجه، وظلما لها من وجه آخر، وقيل: المراد أنه رمى امرأته بتهمة ليتوصل إلى أخذ المهر، ووصف الإثم بأنه مبين، لأنه مبين أمر صاحبه أنه ظالم.
وأما قوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21) فهو إنكار، والميثاق الغليظ الذي أخذته قال مجاهد وقتادة وغيرهما: هو قوله: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا [النساء: 22] وهذا وإن كان ميثاقا من الله فإنه ينسب إليهن، لأنهن السبب.
وقيل: هو كلمة النكاح، وهي قوله: نكحت،
وقد ثبت عن جابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «اتقوا الله في النساء، فإنّكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله» [2] .
وقيل: هو الصحبة والعشرة.
ووصفه بالغلظة لقوته وعظمته. وقد قالوا: صحبة عشرين يوما قرابة، فكيف بما يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج؟ [1] في تفسيره: مفاتيح الغيب والمعروف أيضا بالتفسير الكبير (10/ 15) . [2] رواه البخاري في الصحيح حديث رقم (1557) ومسلم في الصحيح (2/ 889) ، كتاب الحج حديث رقم (1218) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 248