responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 225
الرجل يموت وله أولاد صغار ضعاف، يخاف عليهم العيلة والضيعة، ويخاف بعده ألا يحسن إليهم من يليهم. يقول: فإن ولي مثل ذريته ضعافا يتامى فليحسن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا، والآية على هذا أمر للأوصياء أن يخشوا ربهم، ويتقوه في اليتامى، الذين يلونهم، فيعاملونهم بمثل ما يحبون أن تعامل به ذريتهم الضعاف بعد وفاتهم، والمقصود حثّ الأولياء، وبعثهم على حفظ أموال اليتامى بتنبيههم على حال أنفسهم وذرياتهم من بعدهم ليتصوروها، ويعرفوا مكان العبرة فيها. ولا شكّ أن ذلك من أقوى البواعث والدواعي في هذا المقصود.
والآية على هذا المعنى مرتبطة بما قبلها، لأنّ قوله تعالى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ إلخ في معنى الأمر للورثة، أي أعطوهم حقهم، وليحفظ الأوصياء ما أعطوه، ويخافوا عليهم كما يخافون على أولادهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس أيضا أنه قال في الآية: يعني الرجل يحضره الموت، فيقال: تصدّق من مالك، وأعتق، وأعط منه في سبيل الله، فنهوا أن يأمروا بذلك، يعني أنّ من حضر منكم مريضا عند الموت، فلا يأمره أن ينفق من ماله في العتق، أو في الصدقة أو في سبيل الله، ولكن يأمره أن يبيّن ماله وما عليه من مال، ويوصي من ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون، يوصي لهم بالخمس أو الربع. يقول: أليس أحدكم إذا مات وله ولد ضعاف، أي صغار، لا يرضى أن يتركهم بغير مال، فيكونوا عيالا على الناس، فلا ينبغي لكم أن تأمروا بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم، ولكن قولوا الحق من ذلك، وعلى هذه الرواية تكون الآية أمرا لمن حضر المريض من العوّاد عند الإيصاء بأن يخشوا ربهم، أو يخشوا أولاد المريض، ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولادهم، فلا يأمروه بما يضر ورثته.
ولم تخرج الآية بهذا التأويل عن أنها واردة في حفظ مال اليتيم والتوصية به، وعلى هذا يكون أول الكلام للأوصياء، وما بعده للورثة، وهذه الآية للأجانب، أمروا ألا يتركوا المريض يضرهم، وألا يأمروه بما يضرهم، فالآية مرتبطة بما قبلها أتمّ الارتباط.
وعلى كلا القولين ترى المقصود من الأمر ألا يؤذوا اليتامى، ولا يضيّعوا حقوقهم، حتّى لا يعاقبهم الله في ذريتهم من بعدهم، فيسلّط عليهم من يؤذيهم، ويضيّع حقوقهم، وفي ذلك تهديد لهم بأنهم إن فعلوه أضاع الله أولادهم، ورمز إلى أنهم إن راعوا الأمر حفظ الله ذريتهم من بعدهم.
والقول السديد في قوله تعالى: وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً الصواب العدل الموافق للشرع بأن يقول الولي لليتيم ما يقول لولده من القول الجميل الهادي إلى محاسن الآداب، وسنّي الخصال، ويقول عائد المريض ما يذكّره التوبة والنطق الشهادتين وحسن الظن بالله، وما يصده عن الإسراف في الوصية وتضييع الورثة.

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست