responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 196
ولكنه لا يجالس، ولا يعامل، ولا يؤاكل إلى أن يخرج منه، فيقتصّ منه، وإن كانت جنايته فيما دون النفس في غير الحرم، ثم دخل الحرم اقتصّ منه.
وقال مالك والشافعي: يقتصّ منه في الحرم لذلك كله، وقد روي عن ابن عباس، وابن عمر، وعبيد الله بن عمير، وسعيد بن جبير، وطاووس، والشعبي، فيمن قتل ثم لجأ إلى الحرم أنه لا يقتل.
قال ابن عباس: ولكنه لا يجالس، ولا يؤوى، ولا يبايع حتى يخرج من الحرم، فيقتل، وإن فعل ذلك في الحرم أقيم عليه الحدّ.
وروى قتادة عن الحسن أنه قال: لا يمنع الحرم من أصاب فيه أو في غيره أن يقام عليه، قال: وكان الحسن يقول: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً كان هذا في الجاهلية، لو أنّ رجلا جر كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يتعرّض له حتى يخرج من الحرم. أما الإسلام فلم يزده إلا شدة، من أصاب الحد في غيره ثم لجأ إليه أقيم عليه الحد.
وروى هشام عن الحسن وعطاء قالا: إذا أصاب حدا في غير الحرم، ثم لجأ إلى الحرم أخرج عن الحرم، حتى يقام عليه، وروي مثل هذا عن مجاهد، وهذا يحتمل أن يراد به أن يقاطع، فلا يجالس، ولا يعامل، حتى يضطر إلى الخروج، فيقام عليه الحد.
وفيما عدا رواية الحسن فالاتفاق حاصل بين السلف من الصحابة والتابعين أن من دخله لاجئا إليه، وكان قد جنى في غيره أنه يقاطع حتّى يخرج فيقتص منه.
ومثل قوله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت: 67] وقوله: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً [القصص: 57] وقوله: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً [البقرة: 125] .
قال أبو بكر الرازي [1] : ولما عبّر الله تارة بالحرم وتارة بالبيت علم أنّ حكم الحرم حكم البيت في باب الأمن ومنع قتل من لجأ إليه.
ولمّا لم يختلفوا أنه لا يقتل من لجأ إلى البيت، لأنّ الله وصفه بالأمن فيه، وجب مثله في الحرم فيمن لجأ إليه.
هذا وقد فسّر بعض العلماء الأمن هنا بالأمن في الآخرة من العذاب، وروى في ذلك آثارا صحيحة، ولا مانع من إرادة العموم، بأن يفسّر بالأمن في الدنيا والآخرة.
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.

[1] أحكام القرآن للإمام الرازي (2/ 20- 23) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست