responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 153
الدرجة التي يرتقى فيها، وهذه الدرجة التي جعلها الله للرجال على النساء هي ما أشار إليها بقوله: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ [النساء: 34] .
ونحن نعلم أن كثيرا من الزنادقة الذين يريدون أن يفتنوا النساء عن دينهن، يأتون إليهن من جهة أن الإسلام غمط حقوقهنّ، وجعلهنّ إماء عند الرجال، ولو تأمّل نساء الإسلام في هذه الآية لرأين هذه المنزلة التي رفعهنّ الله إليها، ولم ترفعهن إليها الحضارات القديمة، ولا الحضارات الحديثة، ولعلمن أنّ هؤلاء مخادعون، يبغّضونهنّ في شريعة كانت شفيقة بالمرأة، بارّة بها، أعتقتها من رق العبودية، وفكّت عنها الأغلال والقيود التي كانت ترسف فيها في القديم، وأنّ شريعة هذا نظرها إلى المرأة لجديرة بأن تحترم وتقدّس من النساء جميعا، وإنما ذكر الله هنا أنّ لهن مثل الذي عليهنّ بالمعروف، وللرّجال عليهن درجة، ليبيّن أنه شرط في الرّجعة إرادة الإصلاح، لأنّ للمرأة حقوقا مثل ما عليها، وجعل للرّجل حقّ الرجعة لأنه يزيد عليها درجة.
ثم قال: وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فلا يغالبه من فرّط في حقوق الزواج، وهو حكيم فيما شرع، يعلم المصلحة، ويضع الأشياء في مواضعها.
قال الله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)
أخرج ابن جرير الطبري [1] ، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان الرجل يطلّق ما شاء، ثم إن راجع امرأته قبل أن تنقضي عدتّها كانت امرأته، فغضب رجل من الأنصار على امرأته، فقال لها: لا أقربك ولا تحلين مني، قالت له: كيف؟ قال:
أطلقك، حتى إذا دنا أجلك راجعتك، ثم أطلقك، فإذا دنا أجلك راجعتك.
قال: فنقلت ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فنزل الله تعالى ذكره: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ الآية
. فعلى هذا تكون الآية نزلت لبيان عدد الطلاق الذي للرجل فيه الرجعة، والعدد الذي إذا انتهى إليه فلا رجعة له عليها، وقد كان أهل الجاهلية وأهل الإسلام قبل نزول هذه الآية لا حدّ للطلاق عندهم، وكان ذلك قد يؤدي إلى الإضرار بالمرأة، فتترك لا هي بذات زوج، ولا هي خليّة تحلّ للأزواج.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية لتعريف الناس سنّة طلاقهم، وكيف يطلّقون.

[1] في تفسيره جامع البيان، المشهور بتفسير الطبري (2/ 276) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست