responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 151
وأجيب بأن معنى الآية: مستقبلات لعدتهن.
وقد احتجوا لترجيح المذهب الثاني بأمور: منها: أننا أجمعنا على أن الاستبراء في شراء الجواري يكون بالحيضة، فكذا العدة تكون بالحيضة، لأن الغرض منها واحد. ومنها أن العدة شرعت لبراءة الرحم، والذي يدل على براءة الرحم إنّما هو الحيض لا الطهر.
ومنها قوله صلّى الله عليه وسلّم: «طلاق الأمة تطليقتان، وعدّتها حيضتان» «1»
ومن المعلوم أنّ عدة الأمة نصف عدة الحرة، فإذا اعتبرت عدّة الأمة بالحيض، كانت عدة الحرة كذلك.
والمسألة كما ترى محتملة، ولكنّ مذهب الفريق الثاني أرجح من جهة المعنى.
وقد زعم بعضهم أنّ قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ خبر في معنى الأمر، لئلا يلزم الكذب في خبره تعالى إذا لم تتربص بعض المطلقات.
وهذا غير لازم، لأنّ الله أخبر عن حكم الشرع، فإن وجدت امرأة لا تتربّص لم يكن ذلك حكما شرعيا.
وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.
قيل: المراد بما خلق الله في أرحامهن الحيض، وقيل: الحمل. وقيل: هما معا. وهذا دليل على أن المرأة مؤتمنة على ما في رحمها، يقبل قولها فيه، لأنّه لا يعلم إلا من قبلها، وإنّما حرّم الله أن يكتمن ما في أرحامهنّ، لأنّه يتعلق بذلك حق الرجعة للرّجل، وعدم اختلاط الأنساب، وإذا لم تحافظ المرأة على ذلك، فربما حرمت الرجل من حقّه في الرجعة، وربما ادّعت انقضاء العدة وهي مشغولة الرّحم بالحمل من المطلّق، ثم تزوجت، فأدّى ذلك إلى اختلاط الأنساب.
ولعل قائلا يقول: إنّ ظاهر الآية أنّ الله شرط عدم حلّ الكتمان بكونهنّ يؤمنّ بالله واليوم الآخر، فإذا لم يكنّ كذلك، فهل يجوز لهنّ أن يكتمن؟
فنقول: إنّ هذا كقول القائل: إن كنت مؤمنا فلا تظلم، على معنى: إن كنت مؤمنا فإيماك يمنعك من الظلم. وكذلك هنا: إن الإيمان بالله واليوم الآخر ينبغي أن يمنع كتمانهنّ ما في أرحامهنّ، وهذا وعيد شديد.
والآية تدل على أن من ائتمن على شيء فلا يحلّ له أن يخون فيه، وهذا مقتضى الإيمان بالله واليوم الآخر.

(1) رواه أبو داود في الجامع الصحيح (2/ 230) ، كتاب الطلاق، باب في سنة الطلاق حديث رقم (2189) ، والترمذي في الجامع الصحيح (1/ 488) ، كتاب الطلاق، باب ما جاء أن طلاق الأمة حديث رقم (1182) ، وابن ماجه في السنن (1/ 672) ، كتاب الطلاق باب في طلاق الأمة حديث رقم (2080) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست