اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 137
الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة، وقد كان ذلك مباحا، إلى أن ورد تحريمه، وقد خاطر أبو بكر المشركين حين نزلت الم [1] غُلِبَتِ الرُّومُ [2] [الروم: [1]، 2]
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «زد في الخطر وأبعد في الأجل» «1»
. ثم حظر ذلك، ونسخ بتحريم القمار.
وقد رخّص في السبق في الدواب والنصال بشروط تطلب من كتب الفروع.
وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.
الْعَفْوَ في كلام العرب: الزيادة. ومن ذلك قوله تعالى: حَتَّى عَفَوْا [الأعراف: 95] زادوا، ومنه قول الشاعر [2] :
ولكنّا نعضّ السيف منّا ... بأسوق عافيات الشحم كوم
أي كثيرات الشحوم، والمراد بالعفو هنا: الفضل، أي ما فضل وزاد عن الحاجة، كقولهم: خذ ما عفا لك من أخيك، أي ما فضل عن جهده. قال ابن عباس: العفو: ما فضل عن أهلك، ونقل عن قتادة وعطاء وابن زيد.
المعنى: يسألك أصحابك: ماذا ينفقون؟ قل: أنفقوا ما فضل عن حاجتكم كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، بهذا البيان العجيب الذي تقدّم من أول السورة من حججه، وبيناته، وفرائضه، وحدوده، وما فيه نجاتكم من عذابه: يبين لكم في سائر كتابه: آياته، وحججه، لتتفكّروا في الدنيا والآخرة، فتعلموا زوال الأولى وحقارتها، وبقاء الثانية وجلالها. وقد ورد في معنى الآية أحاديث كثيرة:
روى ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجل ببيضة من ذهب أصابها في بعض المعادن، فقال يا رسول الله: خذ هذه مني صدقة، فو الله ما أصبحت أملك غيرها، فأعرض عنه، فأتاه من ركنه الأيمن، فقال له مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم قال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم قال مثل ذلك، فقال: «هاتها» مغضبا، فأخذها فحذفه بها حذفة لو أصابه شجه أو عقره، ثم قال: «يجيء أحدكم بماله كلّه يتصدّق به، ويجلس يتكفّف الناس إنّما الصّدقة عن ظهر غنى» [3] .
وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ارضخ من الفضل، وابدأ بمن تعول، ولا تلام على كفاف» [4] .
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان أحدكم [1] قال السيوطي: رواه أبو يعلى وابن عساكر انظر الدر المنثور في التفسير المأثور للسيوطي (5/ 150) . [2] لبيد بن أبي ربيعة، انظر تهذيب اللغة للأزهري (3/ 229) . [3] رواه أبو داود في السنن (1/ 51) ، كتاب الزكاة، باب الرجل يخرج ماله حديث رقم (1673) . [4] رواه مسلم (بغير هذا اللفظ) في الصحيح (2/ 718) ، 12- كتاب الزكاة، 32- باب بيان أن اليد العليا خير من السفلى حديث رقم (97/ 1036) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 137