اسم الکتاب : تفسير ابن عربي للقرآن حقيقته وخطره المؤلف : الذهبي، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 10
كلمة الحق في التفسير النظري الفلسفي:
بعد هذه الأمثلة التي سقناها، نستطيع أن نقرر في صراحة واطمئنان. أن التفسير الصوفي النظري تفسير يخرج بالقرآن عن هدفه الذي يرمى إليه: يقصد القرآن هدفا معينا بنصوصه وآياته، ويقصد الصوفي هدفا آخر معينا بأبحاثه ونظرياته، وقد يكون بين الهدفين تنافر وتضاد، فيأبى الصوفي إلا أن يحول القرآن عن هدفه ومقصده إلى ما يقصده هو ويرمى إليه، وغرضه بهذا كله: أن يروج لتصوفه على حساب القرآن الكريم، وأن يقيم أبحاثه ونظرياته على أساس من كتاب الله، وبهذا الصنيع يكون الصوفي قد خدم فلسفته الصوفية ولم يعمل للقرآن شيئا، اللهم إلا هذا التأويل الذي كله شر على الدين، وإلحاد نص آيات الله!!.
رأينا ابن عربي يميل ببعض الآيات إلى مذهبه القائل بوحدة الوجود، ووحدة الوجود- عنده وعند من يقول بها- معناها: أنه ليس هناك إلا وجود واحد، كل العالم مظاهر ومجال له، فالله- سبحانه- هو الموجود الحق، وكل ما عداه ظواهر وأوهام، ولا توصف بالوجود إلا بضرب من التوسع والمجاز. وهذه النظرية سرت إلى بعض المتصوفة عن
إلا بي، فإن عرفك عرفني، وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف، فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غزير المعرفة التي عرضا حين عرفت ربك بمعرفتك إياها، فتكون صاحب معرفتين معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت، فأنت عبد رأيت ربا، وأنت رب لمن فيه أنت عبد، وأنت رب وأنت عبد لمن له في الخطاب عهد"[1]. [1] الفصوص ج1 ص 191-193.
اسم الکتاب : تفسير ابن عربي للقرآن حقيقته وخطره المؤلف : الذهبي، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 10