اسم الکتاب : ترجمة القرآن الكريم المؤلف : أحمد علي عبد الله الجزء : 1 صفحة : 93
تتلى على العرب وهم لا يعرفون العبرانية فقضية ذلك الإذن بالتعبير عنها بالعربية ثم ذكر فيه ثلاثة أحاديث:
الأول: حديث ابن عباس. ووجه الدلالة فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل باللسان العربي ولسان هرقل رومي ففيه إشعار بأنه اعتمد في إبلاغه ما في الكتاب على من يترجم عنه بلسان المبعوث إليه ليفهمه والمترجم المذكور هو الترجمان[1]، والثاني حديث أبي هريرة ولقد أوردناه وما علق به ابن حجر من قبل[2].
لقد أشار الإمام البخاري في هذا الباب إشارة كما أفصح ابن حجر في شرحه إفصاحاً على جواز الترجمة أخذاً من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وارتضائه ترجمة التوراة إلى العربية في حضرته وبإرساله الكتب التي تحمل الآيات القرآنية بلسان عربي إلى ملوك الأرض حينئذ إلى هرقل وكسرى والنجاشي وهم لا يفقهون اللسان العربي وهو يعلم أنها ستترجم لهم إلى لغاتهم المختلفة وذلك إقرار منه صلى الله عليه وسلم على جواز ترجمة القرآن إلى هذه اللغات وخبر إرساله بهذه الكتب إلى أولئك الملوك معلوم ومشهور[3].
وقد نسب أيضا ابن الخطيب إلى ابن حجر قوله بجواز الترجمة في غير هذا المكان، إذ يقول: "وقد قرر الإمام ابن حجر وهو من كبار أئمة المحدثين وجوب الترجمة حيث يقول: إن الوحي متلو أو غير متلو إنما نزل بلغة العرب ولا يرد على هذا كونه صلى الله عليه وسلم قد بعث إلى الناس كافة عربا وعجماً وغيرهم، لأن اللسان الذي نزل عليه به الوحي عربي وهو يبلغه إلى طوائف العرب وهم يترجمونه لغير العرب بألسنتهم"[4].
ويقول جار الله محمود الزمخشري تعليقاً على قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (إبراهيم 14) أي ليفهموا عنه ما يدعوهم إليه فلا يكون لهم حجة على الله، ولا يقولوا لا نفهم ما خوطبنا به كما قال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ..} فإن قلت لم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب وحدهم وإنما بعث إلى الناس جميعا: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة، فإن لم تكن للعرب حجة فلغيرهم الحجة، وإن لم تكن لغيرهم حجة، فلو نزل بالعجمية لم تكن للعرب حجة أيضاً.
قلت: لا يخلو إما أن ينزل بجميع الألسنة أو واحد منها ولا حاجة لنزوله بجميع الألسنة لأن الترجمة تنوب عن ذلك، وتكفي التطويل فبقي أن ينزل بلسان واحد، فكان أولى الألسنة لسان قوم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم أقرب إليه فإذا فهموا عنه وتبينوه وتنوقل عنهم [1] فتح الباري لابن حجر العسقلاني (19/299-301) . 1 [2] انظر: ص 2 [3] إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني الموضوع بها من الأنفاق في علوم القرآن للسيوطي 3 [4] الفرقان (ص 222) .
اسم الکتاب : ترجمة القرآن الكريم المؤلف : أحمد علي عبد الله الجزء : 1 صفحة : 93