يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله، قالت الست تقرأ القرآن؟ قلت بلى، قالت فإن خلق رسول الله القرآن، قلت فقيام رسول الله يا أم المؤمنين؟
قالت ألست تقرأ المزّمل؟ قلت بلى، قالت فإن الله افترض القيام أول هذه السورة فقام رسول الله وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا بغير فريضة. وهذا إذا صح يكون التخفيف نزل بمكة أيضا إلا أن السياق ينافيه ولأن الزكاة لم تفرض إذ ذاك كما أن الصلاة لم تفرض أيضا، ولأن هذه السورة نزلت بعد فترة الوحي إلا أن يقال أن تلك المدة المذكورة في الحديث بالنسبة إلى وجود حضرة الرسول بالمدينة وإعلانه وأصحابه أمر القيام ومداومتهم عليه لأنهم كانوا لا يقدرون على إعلان العبادة في مكة، وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ألم أخبر أنك تقوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟ قلت بلى يا رسول الله ولم أرد بذلك إلا الخير، قال: نعم فصم صوم داود [كان عليه السلام يصوم يوما ويفطر يوما] وكان أعبد الناس في زمانه، واقرأ القرآن في كل شهر مرة، قال: قلت يا رسول الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال فاقرأ في كل عشر، قال: قلت يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك.، قال فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك.
مطلب تخفيف قيام الليل ونقل الكسب والصدقة:
ثم ذكر الله حكمة التخفيف المعبر عنه بالنسخ في أغلب كتب المفسرين فقال:
«عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى» يشق عليهم القيام أو يزيد في مرضهم أو يسبب لهم مرضا آخر إذا بقوا على حالتهم الأولى بدليل الحديث المتقدم ذكره إذ جاء فيه ان انتفخت أقدامهم وهذه حكمة أخرى غير حكمة عسرة الإحصاء تقدير الأوقات مقتضية للتخفيف «وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ» يسافرون للتجارة والزيارة والعمل وغيره «يَبْتَغُونَ» الربح «مِنْ فَضْلِ اللَّهِ» وطلب العلم وصلة الرحم وأداء الفرض والسنة من حج وعمرة طلبا للأجر، وهذه حكمة ثالثة