لا قرأ المفصل في ركعة قال عبد الله هذّ كهذا الشعر أي صرعة وعجلة مخلّين بأصوله لا ثواب بقراءته كما يفهم من تتمة الحديث وهي: إن أقواما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم (العظام التي بين النحر والعاتق) ولكن إذا وقع في القلب فرسخ، يقع منه موقعا ينيره فيخضع له الجسد وتخشع الجوارح كلها إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعرف النظائر التي كان رسول الله يقرن بينهن سورتين من كل ركعة) فظهر أن المقصود من الترتيل حضور القلب وكمال المعرفة لأن النّفس تبتهج بذكر الأمور الإلهية الروحانية والسرعة تنافي الحضور والعجلة تباين المعرفة، وفي رواية فذكر عشرين سورة من المفصل وهو من الحجرات إلى الناس بحسب ترتيب القرآن وسمي مفصلا لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة وقصر أكثر آياته، قال تعالى «إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ» يا أكمل الرسل «قَوْلًا ثَقِيلًا 5» ايحاءه شاق تلقّيه صعب تحمله لأن كلام العظيم عظيم في مبناه رزين في معناه لما فيه من الأوامر والنواهي التي فيها صعوبة وكلفة على النفس وليس ذلك بالخفيف الهين.
مطلب في صفة الوحي وحالاته:
روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت قال: كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب وتربد له وجهه. وفي رواية كان إذا نزل عليه الوحي عرفنا ذلك في فيه وغمض عينيه وتربد وجهه (الربدة غبرة مع سواد) وفي رواية فما من مرة يوحى إليّ إلا ظننت أن نفسي تقبض، وروى البخاري ومسلم عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل رسول الله فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟
فقال أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرص (أي كالصوت الشديد الصلب الحاصل من الأشياء الصلبة كالجرص) وهذا أشده علي فيفصم عني (أي يفارقني) وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا