قال تعالى «أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً» على تبليغ الرسالة لهم وإرشادك إياهم «فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ 46» لا يستطيعون حمل تلك الغرامة المالية حتى يمتنعوا من الإيمان بك ويعرضوا عنك كلا لا تطلب منهم شيئا، فكان اعراضهم عنك عنادا وتكبرا ليس إلا، وهذه الجملة معطوفة على جملة (أم لهم شركاء) المارة «أم عندهم الغيب» بما هو باللوح المحفوظ لدينا «فَهُمْ يَكْتُبُونَ 47» منه ما يحكمون به ويستغنون عن علمك، وهذا الاستفهام على طريق الإنكار أي ليس لهم ولا عندهم شيء من ذلك. وهذه الآيات المدنيات الأخيرة من 48 إلى 50 النازلة في واقعة أحد مع الآيات 122 فما بعدها من آل عمران فى ج 3 كما سنبينه هناك، قال تعالى «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ» على أذى قومك وامهلهم «وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ» السيد يونس عليه السلام في الضجر والعجلة فتبتلى كما ابتليناه.
مطلب معنى الكيد والمكر والآيات المدنيات الأخر:
واذكر «إِذْ نادى» ربه وهو في بطن الحوت الذي ابتلعه عقوبة استعجاله أمر ربه باهلاك قومه وغضبه لرفع العذاب عنهم وقد تركهم وذهب «وَهُوَ مَكْظُومٌ 48» ممتلىء غيظا واعلم أنه «لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ» بإلهامه التوبة والندم واجابة دعائه الذي الهمناه إياه وهو في بطن الحوت كما سيأتي في الآية 88 من سورة الأنبياء ج 2 وقبول عذره الذي اعتذر به الآتي أيضا هناك «لَنُبِذَ بِالْعَراءِ» بفضاء من الأرض ولم ننبت عليه ما يقيه من الشمس والهواء مع ما هو عليه من الضعف الذي لحقه في بطن الحوت «وَهُوَ مَذْمُومٌ 49» على ما وقع منه معاتب بما فعله مؤاخذ بزلّته، ولكن تداركته الرحمة فأنبت عليه ما أظله ووقاه، وحميته من كافة الهوام والوحوش كما حميته في بطن الحوت ولهذا فلم ينبذ مذموما، واعلم أن ما وقع منه يعد ذنبا بالنسبة لمقامه على حد حسنات الأبرار سيئات المقربين وإلا فهو بالنسبة لغيره عبارة عن خلاف الأولى وليس بذنب