الله قال ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيمة من خلق حسن، وان الله تعالى يبغض الفاحش البذيء. أخرجه الترمذي أيضا. وله عن جابر أن رسول الله قال ان من أحبكم إلى الله وأقربكم مني مجلسا يوم القيمة أحاسنكم أخلاقا. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا أمر أمر بمعروف وإذا نهى نهى بمعروف راجع قوله تعالى (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) إلى آخر الآيات في سورة النحل في ج 2. تجد ما يتعلق في هذا البحث وبه كفاية والا لو كتبت لآخر حياتي عن أخلاقه ما وفيت بها قال تعالى «فَسَتُبْصِرُ» يا محمد ظهورك ونصرتك عليهم «وَيُبْصِرُونَ 5» أي يرى مكذبوك خذلانهم وإنزال العذاب بهم وإذ ذاك يعلمون «بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ 6» المجنون الطائش هم أم أنت وهذا من الأخبار بالغيب الذي حققه الله له فيهم في واقعة بدر، وكانوا لوثوقهم بصدقه فيما بينهم إذا سمعوا منه شيئا يرسخ في قلوبهم ويخافون عاقبته فاذا أوعدهم أو وعدهم لا يزالون يرتقبون وقوعه ولكن عنادهم وحسدهم وتعاظمهم عليه حال دون طاعتهم له «إِنَّ رَبَّكَ» يا حبيبي «هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ» المستقيم الحق من كفار مكة واضرابهم الضالين «وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ 7» من خلقه أنت وأمثالك وأتباعك «فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ 8» لك الذين يدعون إلى دين آبائهم الفاسد. نزلت هذه الآية حينما كلفه كفار مكة عبادة أصنامهم ليكفوا عن أذاه فقال له ربه «وَدُّوا» هؤلاء الكفار «لَوْ تُدْهِنُ» تلين لهم في قولك وفعلك وتوافقهم على طلبهم من داهن الرجل في دينه وأمره إذا خان فأظهر خلاف ما يبطن كالمنأفق «فَيُدْهِنُونَ 9» يلينون لك ويصيرون معك فيصافونك ويتقربون إليك، فإياك إياك يا حبيبي احذرهم.
مطلب في الأوصاف الذميمة والنميمة.
«وَلا تُطِعْ» منهم (كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ 10» حقير ذليل كذاب ولا تطع الآخرين أمثالهم أيضا لأنهم لا يريدون لك مثل ما تريد لهم من الخير، والمهانة تعتري الإنسان من قلة الرأي والتمييز وكثرة الكذب وعدم المبالاة بما يقع منه