يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث يعني نفسه، لأنه كان بين الملائكة يسمى حارثا ففعلا فعاتبهما الله على ذلك بما ذكر بالنسبة لمنصبهما، على حد حسنات الأبرار سيئات المقربين. وقول الآخرين من أنه يفهم من قوله تعالى أثقلت، أن حواء كانت تسقط حملها قبل كماله، فلما كمل في هذه المرة دعوا الله بما قصه في هذه الآية، واستدل بما أخرجه الترمذي وأحمد وحسنه الحاكم وصححه عن سمرة بن جندب قال:
قال صلّى الله عليه وسلم: لما ولدت حواء طاف إبليس وكانت لا يعيش لها ولد، فقال لها سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته، قال القطب: لا بعد هذا شركا لأن أسماء الأعلام لا تفيد مفهوماتها اللغوية، ولكن أطلق عليها لفظ الشرك تغليظا وإيذانا بأن ما عليه أولئك السائلون أمر عظيم. وقال الطيبي: هذا أحسن الأقوال لأنه مقتبس من مشكاة النبوة. وقال غيرهم إنه موافق لسياق الآية المنزلة بحسب الظاهر، ولا يصار لغيره إلا بدليل، أقول نعم لو كان هذا الحديث مسلما بصحته أما لا فلا:
لأن في سنده عمر بن ابراهيم المصري، قال أبو حاتم الرازي لا يحتج به متروك وفضلا عن هذا فإنه ليس مرفوعا بل هو موقوف على سمرة، والموقوف على الصحابي فيه ما فيه، والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط الاستدلال به، وقد جاءت روايات أخرى عن معمر عن الحسن، وعن ابن جرير عن الحسن، وعن قتادة عن الحسن كلها مختلفة باللفظ متضاربة بالمعنى، وإن هكذا روايات لا تخلو عن الدس من أهل الكتاب، لأنه لو ثبت عن الحسن ما نقلوه عنه لما فسرت هذه الآية على غير ما روي عنه، وهناك رواية أن الآية نزلت في تسمية آدم وحواء ولديهما بعبد الحارث خرجها ابن جرير عن الخبر، بما يدل على أن هذه وتلك منقولة عن أهل الكتاب لما قيل إنها نزلت في اليهود والنصارى، لأنهم هوّدوا ونصّروا أولادهم إلى غير ذلك من الأقوال التي لا ترتكز على ما يطمئن له الضمير ويركن إليه العقل، وشكّ أن الآية من المشكلات وقد تضاربت فيها آراء المفسرين، وأحسن شي ما أثبتناه في تفسيرها وهو ما اعتمده جهابذة المفسرين، ولو كان هناك حديث صحيح لا غبار عليه يفهم منه تفسيرها على غير ما جرينا عليه لاتبعناه، قال الشافعي رحمه