وقال في بدء الأمالي:
وما أن فعل أصلح ذو افتراض ... على الهادي المقدس ذي التعالي
ومعنى النكث في الأصل فل طاقات الغزل ليغزل ثانيا فاستعير لنقض العهد بعد إبرامه. راجع تفسير الآية 91 من بعدها في سورة النمل في ج 2، وجواب لما مقدر تؤذن به إذا الفجائية أي فاجئوا بالنكث، وما قيل بأن جوابها الجملة المقترنة بها فيه تساهل وتسامح وكلا من لما وإذا معمول لذلك الفعل المقدر الأولى ظرفه والثاني مفعوله وذلك محافظة لما ذهبوا اليه من أنه يجب أن يكون الذي يلي لما من الفعلين ماضيين لفظا أو معنى إلا أن مقتضى ما ذكروا من أن إذ وإذا الفجائتين في موقع المفعول به للفعل لأن لما تجاب بإذا الفجائية الداخلة على الجملة الاسمية فلا لزوم إلى هذا التكليف بتقدير الفعل قال تعالى «فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ» أي فرعون وقومه ومناصريه جزاء نكثهم المترادف «فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ» معظم ماء البحر وسلبنا نعمتنا منهم وأهلكناهم. قال ابن قتيبة: اليم سرياني معرب وما قيل إنه أسم خاص للبحر الذي غرق فيه فرعون وقومه ليس بشيء، قال الألوسي في روح المعاني إن هذا القول غريق في يم الضعف وإنما جعلنا هذا الإغراق عقوبة لهم «بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا» الدالة على صدق نبينا «وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ 136» لاهين لاعبين لم يتفكروا بمن أظهرها ولم يتذكروا بها ولم يبالوا بمن أنزلها وأنزلت عليه ولم يتعظوا بنزول النقمة بهم المسببة عن الأعراض عن تلك الآيات وعدم التفاتهم إلى زجر نبيّهم واعراضهم عما يؤول اليه أمرهم واتباع من كان السبب فيها، فكأنها لم تكن، والغفلة ليست من فعل الإنسان، على أن من شاهد مثل تلك الآيات لا ينبغي له التكذيب بل التصديق والانقياد قال تعالى: «وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ» أي يستذلون ويسترقون ويهانون وهم بنوا إسرائيل بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم للخدمة ولا أعظم من هذا اهانة وهوانا فجعلنا نحن إليه الكل من الذكور الذين كانوا مملوكين ملوكا وأنبياء وملكناهم «مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا» اي جهاتها بما فيها بيت المقدس ومصر والشام وهذا أولى من الاقتصار على ارض