سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون من قومك ولو جاءتهم كل آية وأنهم يختارون الكفر عنادا «و» من جملة أخلاقهم الذميمة وخصالهم المستهجنة نقض العهد والميثاق لأنا «ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ» أي الأمم الخالية «مِنْ عَهْدٍ» أوفوا به لنا في عالم الذر، كما أنهم لم يوفوا بعهدهم لرسلهم، لأنهم كلما عاهدوهم على الإيمان نقضوا، فلا وفاء لهم البتة.
مطلب في تفاوت حروف الجرّ.. وألقاب الملوك:
وجيء، بمن، هنا للتأكيد والإحكام كما نوهنا به في الآية 80 المارة ولا يعبّر عن مثل هذا بسيف خطيب أن زائدة لأنه قول زائد، إذ لا نزاع بأن قولك ما جاءني من أحد أبلغ من قولك ما جاءني أحد، وعليه يكون وجودها له معنى بليغ في النفوس والأسماع لا يكون بغيرها، وبني كلام الله على البلاغة لأنها من معجزاته وانظر لهذا الجناس التام المماثل بين قوله وما وجدنا وبين قوله «وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ 201» خارجين عن طاعتنا ناكثين ميثاقنا الذي أخذناه عليهم حين أخرجنا ذراريهم من ظهور أبيهم آدم عليه السلام المبين في الآية 170 الآتية، قال ابن عباس إنما أهلك الله أهل القرى لأنهم لم يحفظوا ما وصاهم به، وإن في صدر هذه الآية مخففة من الثقيلة وخبرها ضمير الشأن واللام، في لفاسقين اللام الفارقة بين أن النافية والمخففة حيث أوجبوا وجود اللام بعد أن المخففة، لئلا تلتبس بالنافية التي لا يأتي اللام بعدها، والمعنى أنه أي الحال والشان وجدنا أكثرهم فاسقين راجع الآية 45 المرة، وقال بعض المفسرين إنّ إن بمعنى ما واللام بمعنى إلّا، أي ما وجدنا أكثرهم إلّا فاسقين وهو وجيه وفيه من البلاغة ما لا يوجد في التفسير الأول، وسياق صدر هذه الآية بواتي المعنى إلا أن مجيء اللام بمعنى إلّا شاذّ، لهذا قدمنا الأول مع اختيارنا للثاني لولا ذلك المانع، قال تعالى «ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ» «مُوسى» بن عمران بآياتنا التسع الآتية بعد في هذه السورة «إِلى فِرْعَوْنَ» الوليد بن مصعب بن الريان ملك مصر المبالغ في الكبرياء والجبروت والإفراط حتى ادعى الإلهية وكلمة فرعون علم لكل من يملك القبط، كما أن النجاشي لمن يملك الحبشة