بإحدى بناتها إن هو عقرها ففعل، فقالوا ان سقبها أي حوارها لما رأى ما حل بأمه هرب، وأخبر صالحا به أهل البلدة حينما جاءوا يعتذرون منه لعدم مباشرتهم عقرها، فقال لهم أدركوا فعيلها لعل الله أن يرفع عنكم العذاب. فلحقوه فاذا هو قد اعتصم بجبل عال عجزوا عن تناوله، فذهب اليه صالح فلما رآه صار يبكي ثم رغا ثلاثا وانفجرت الصخرة التي خرجت منها أمه، فدخلها وانضمت عليه، كما ابتلعت أمه الأرض، وأنزل الله بهم العذاب المذكور. انظروا أيها الناس، أخرج الله لهم ناقة حسب طلبهم معجزة لنبيهم وصاووا يشربون كلهم من حليبها، فقتلوها بحجة أنها تصيف في الحر في ظهر الوادي فتهرب منها مواشيهم، وتشتي في بطنه فتهرب منها مواشيهم، فتهلك من الحر والبرد، وكان لا مأوى لدوابهم غير ذلك الوادي في أرض الله الواسعة. والحق إن الذي حدا بهم لقنلها لا قضية الماء ولا المواشي بل هو غضب الله عليهم وسخطه من أعمالهم. روى البخاري ومسلم عن ابن عمر قال لما مر رسول الله بالحجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين، ثم رفع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي. وللبخاري أنه لما نزل صلّى الله عليه وسلم الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من آبارها ولا يستقوا منها، فقالوا قد عجنا منها وملأنا أسقيتنا فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهرقوا ذلك الماء. وروى أن أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين قاتل علي كرم الله وجهه. والفرق بين جزاءيهما كالفرق بين الناقة وعلي قال تعالى «وَلُوطاً» ابن هاران بن تارخ بن أخي ابراهيم عليهما السلام «إذ قال لقومه حين أرسل إليهم بعد أن هاجر مع عمه إبراهيم إلى الشام ونزل إبراهيم بفلسطين ولوط بالأردن بقرية تسمى سدوما «أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ» اللواطة بالذكور سميت فاحشة، لأن هذه الفعلة الخبيثة غاية في القبح ولم تعهد قبلا كما يدل عليه قوله تعالى «ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ» قبلكم وجيء بمن للتأكيد مثل قوله تعالى (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ) الآية 21 من سورة المائدة في ج 3 تأكيدا للنص «مِنَ الْعالَمِينَ 80» أي بعضهم
لأن منهم من لم تخلق فيهم الشهوة فكانت هنا للتبعيض ثم وبخهم بالاستفهام