الصالح الذي لا كلفة فيه ذكر أنه في وسعهم فعله، وفيه تنبيه للكفرة على أن الجنة مع عظمها يتوصل إليها بالعمل الصالح السهل إجراؤه على العامل قال تعالى «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ» كان بينهم في الدنيا فلم يبق بين أهل الجنة إلا التوادد والتعاطف، قال علي كرم الله وجهه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم، وما قيل أنه قال فينا والله أهل بدر نزلت هذه الآية لا يصح، لأن الآية مكية بالاتفاق وحادثة بدر بعد الهجرة بسنتين فيكون بينهما ما يقارب تسع سنين، هذا، وهذه الجنة التي وعدوا بها «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ» ينعمون فيها دائما «وَقالُوا» لبعضهم مثنين على ربهم «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا» الفوز العظيم في الآخرة وأرشدنا إلى العمل الطيب في الدنيا «وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ» له بارادتنا وقوتنا «لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ» اليه بمنه وكرمه وفضله، وفي الآية دليل على أن المهتدي هو من هداه الله، والضال من أضله، أقسموا قائلين والله «لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا» إلينا في الدنيا «بِالْحَقِّ» الصدق حيث رأوا ما وعدوهم به عيانا وهذا من قبيل المثل السائر «ليس الخبر كالمعاينة وإلا فهم قالوا هذا القول وصدقوا به في دنياهم وهو الذي أوصلهم إلى ما هم فيه من النعيم «وَنُودُوا» من قبل ملائكة الرحمة «أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ التي وعدتموها فادخلوها لأنكم «أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 43» في دنياكم من الأعمال الصالحة ولقد نعت الله تعالى حال أهل الجنة في الجنة كما وصف حال أهل النار في النار، ألا فلينتبه من كان له قلب، روى البخاري عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين اجر والنار فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا اذن الله لهم في دخول الجنة، فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في اجر منه بمنزله في الدنيا. وروى مسلم عنه وعن أبي هريرة أن رسول الله قال:
دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد إن لكم أن تحيوا ولا تموتوا أبدا، وإن لكم تصحوا ولا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تشبوا ولا تهرموا أبدا، وإن لكم