أن يتزين له بكل انواع الزينة المباحة شرعا ليكون طاهر البدن والثوب والمكان طاهر القلب، فلا يليق بالمسلم إذا دعي لوليمة أو مقابلة ذي جاه أن يتزين له بما يقدر عليه حتى أن بعضهم ليستعير أو يستأجر ما يتزين به، وإذا قام بين يدي ربه قام بثياب مهنته حتى انه يؤذي جاره في المسجد من كراهة رائحته بثيابه الرثة الدنسة وجسمه أيضا لتراكم وسخه فيكون مأزورا لا مأجورا، ولهذه الحكمة كره الشارع دخول المسجد لآكل الثوم والبصل، لما يترتب عليه من أذيه من بجانبه برائحتهما الكريهة، وان ما هو مثلهما بالرائحة يكون حكمه حكمهما، حتى انه وقع لشيخنا الورع الشيخ حسين الأزهري مفتي الفرات ومدرسها ان نقض تحريمته في الصلاة لوقوف شارب تبغ بجانبه وانتشار الرائحة الكريهة منه، لأن بعضهم تكون له رائحة بحيث لا تقدر أن تصبر عليها مع أنه لا يجوز قطع الصلاة إلا لأسباب معينة، كخشية وقوع أعمى أو صغير في حفرة أو رؤية حية أو عقرب قرب غافل أو صغير أو مرور من تحت جدار متداع أو نداء والد لولده لا يعلم أنه في الصلاة، وإنه رحمه الله قطعها خوف فوات الخشوع المطلوب في الصلاة، لأن انشغاله برائحة كريهة تسبب ضياعه، والسرعة في إنهاء الصلاة قد توجب نقصا فيها. وليس المراد في هذه الآية الصلاة المكتوبة لأنها لم تفرض بعد وإنما أراد الدخول لكل مسجد يقف فيه العبد بين يدي ربه لصلاة أو عبادة أو اعتكاف أو طواف بالمسجد الحرام، قال ابن عباس كانت المرأة تطوف بالبيت عارية تقول من يعيرني تطوافا اي خرقة تجعلها على عورتها ثم تقول:
اليوم يبدو كله أو بعضه ... وما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية، أخرجه مسلم. وقال مجاهد كان حي من اهل اليمن إذا قدم حاجا يقول لا ينبغي لي أن أطوف في ثوب عصيت به ربي فإن قدر على أن يستعير مئزرا فعل وإلا طاف عاريا فنزلت وسيأتي زيادة توضيح لهذا البحث في الآية 197 فما بعدها من البقرة في ج 3 إن شاء الله. وهذا الأمر للوجوب وفيه دليل وجوب ستر العورة بما يواريها من الثياب الطاهرة.