تمل كل الميل فقال صلّى الله عليه وسلم: وماذا يسألون؟ قالوا ارفض آلهتنا وندعك وإلهك.
فقال صلّى الله عليه وسلم: أعطوني كلمة تملكون بها العرب وتدين لكم الأمم. فقال أبو جهل نعطيكها وعشرة أمثالها، فقال: قولوا لا إله إلا الله، فنفروا وقالوا كيف يسع الخلق إله واحد؟ فأنزل الله جل أنزاله «أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا» الذي يقوله محمد «لَشَيْءٌ عُجابٌ 5» بليغ في العجب والتعجب «وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ» من مجلس ابي طالب قائلين بعضهم لبعض «أَنِ امْشُوا» عنه حيث كان هذا مراد ابن أخيه ولم يصده عنه «وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ» واثبتوا على عبادتها وتحملوا ما يقدح فيها «إِنَّ هذا» الذي قاله محمد وتعليمه على دعوته لإله واحد وما نراه من ازدياد أتباعه يوميا وسكوت عمه عليه وعدم اصغائه لشكايتنا منه «لَشَيْءٌ يُرادُ 6» بنا بأن يتحكم فينا وفي ذرارينا، ويترفع علينا ويستولي على أموالنا وأملاكنا، ثم قال بعضهم لبعض «ما سَمِعْنا بِهذا» الذي يقوله محمد قبلا ولا «فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ» ملة عيسى عليه السلام التي هي آخر الملل وهي ملة غير موحدة إذ يدعون آلهة ثلاثة ومن أدركنا من آبائنا لهم آلهة متعددة «إِنْ هذا» القول بالتوحيد الذي يدعوا اليه محمد ما هو «إِلَّا اخْتِلاقٌ 7» من تلقاء نفسه لم يسبقه به أحد وانه يريد به التولي علينا وان نكون تبعا له فيما يريد، فيا قومنا أخبرونا «أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ» الذي يدعيه وحيا من ربّه، هل اختص به وحده «مِنْ بَيْنِنا» يتفوق به علينا ويحتفي به دوننا ونحن رؤساء الناس وأشرافهم، وما هي هذه الميزة التي اختص بها وحده. قال تعالى «بَلْ هُمْ» هؤلاء الحسدة لرسولي على ما فضلته به عليهم «فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي» الذي أنزلته عليه المشحون بالتوحيد وهذا دائما من التعجب بتخصيص محمد به «بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ 8» حتى يزول حسدهم لرسولي ورميهم لذكري فاذا ذاقوه زال ذلك منهم واتعظوا بمن قبلهم واعترفوا برسالته وإلهه وإن ما يقوله حق لا مرية فيه «أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ» يا محمد ليهبوا ما فيها من مفاتح النبوة لمن شاءوا وأرادوا ويصرفوها عنك. قال تعالى «أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ» الآية 32 من سورة الزخرف وبمعناها الآية 134 من الأنعام في ج 2