وذلك تحقيقا لما ثبت عنده من أمر الانشقاق، جعل الجملة حالية تقتضى المقارنة بزيادة قد التحقيق بقراءته من حيث لا وجود لها في القرآن تفسيرا منه لإثبات الانشقاق، هذا وإن ما احتج به المنكر من استحالة الخرق والالتئام على الأجرام العلوية ولأن خرقها يوجب صوتا هائلا يهلك أكثر أهل الأرض ولذهاب قوة التجاذب يلزم بقاؤه منشقا كالجبل إذا انشق مردود أيضا، لإن إرادة الله
كافية في الانشاق وفي كل المعجزات الخارقة للعادة، ولو اشترط لكل حادث سبب لزم التسلسل، وقد قامت الأدلة على بطلانه، وكون الخرق يوجب صوتا هائلا ممنوع أيضا فيما نحن فيه، وكذلك التجاذب لأن الأجسام مختلفة من حيث الخواص فلا يلزم اتخاذ جرم القمر والأرض فيها ويمكن أن يكون إحدى القطعتين كالجبل العظيم بالنسبة إلى الأرض إذا ارتفع عنها تعاسر مثلا جذبته اليه إذا لم يخرج عن حد جذبتها على زعمهم. ويلتزم في تلك القطعة عدم الخروج عن حد الجذب. على أننا في غنى عن ذلك كله بعد اثبات الإمكان وشمول قدرة القادر عز وجل، وانكار هذا بحجة الخرق والالتئام تستوجب إنكار المعراج أيضا، تدبر ما يحوكه هؤلاء الفسقة المارقون، وأعلم أن غاية الحجة استبعاد هذا الأمر بدون دليل على الاستحالة الذاتية واستبعاد الخوارق جنون قد يؤدي إلى الكفر، إذ لا مجال للعقل فيها أما إنكار الانشقاق نفسه من حيث الكيفية والكمية فلا يكفر فيه لامكان التأويل في الآية فقط فظهر من هذا أنه لا مانع عقلا ولا حسا من أن الله تعالى خلق السرعة في الانشقاق والالتئام بمقدار ما رآه الناس وأمعنوا نظرهم فيه للتأكيد عن صحته مرتين أو أكثر أما ما قاله الحكماء من أن بين الشمس والأرض ثلاثمائة الف فرسخ وأربعين الف فرسخ وأن ضوء الشمس يصل إلى الأرض في ثماني دقائق وثلاث عشرة ثانية، وأن الضوء يقطع في كل ثانية سبعين الف فرسخ، ويستبعدون الانشقاق لهذا السبب، فيقال لهم: أن الذي خلق هذه السرعة في الشمس والضوء ألا يخلقها في الإنشقاق وهو الفعال لما يريد، وهل من مانع يمنعه من ذلك وهو على كل شيء قدير ولا شيء عليه بعزيز. هذا والمراد باقتراب الساعة المنوه به في