التي أنزلتها عليهم، وقد أنذروكم وحذّروكم هول هذا اليوم وبينوا لكم منافع الإيمان ومضار الكفر فلم تفعلوا فلا فائدة من خصامكم الآن وقد قضي الأمر عليكم بالعذاب «ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» فلا تطمعوا أن أغيره لأنه حق عليكم «وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ 29» لأني لا أعذب أحدا بغير ذنب، وأنا العلام بما وقع منكم قبلا راجع تفسير الآية 22 من سورة ابراهيم في ج 2 والآية 30 من سورة المرسلات المارة تقف على مواقف القيامة، واذكر يا محمد لقومك «يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ» إيفاء بوعده لها في سابق علمه وانجازا لقوله: «لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ» الآية 119 من سورة هود في ج 2 قال ابن عباس فلما سيق أعداء الله إليها لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملأها شيء فتقول مخاطبة ربها عز علاه، ألست قد أقسمت لتملأني؟ قال فيضع قدمه عليها فيقول هل امتلأت، فتقول قط قط أي حسبي حسبي قد اكتفيت. وفيها ثلاث لغات بإسكان الطاء وكسرها وتنوينها، أي قد امتلأت وليس في مزيد وكانت تقول قبل هذا زدني فيزيدها «وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ 30» ولا يقال أن النار معنى وان كانت جسما فلا يأتي منها النطق، ولانها ليست صالحة للخطاب لأن الله الذي أنطق كل شيء في الدنيا وأنطق جوارح الإنسان بما صنعت، والحيوان بما اعتدى، والجماد بما وقع منه وعليه، قادر على إنطاق النار وجعلها صالحة للخطاب بإبداع سر من أسراره فيها، وقد خاطبها الله في غير هذا الموضع في الآية 79 من سورة
الأنبياء وخاطب الجبال في الآية 10 من سورة سبأ وخاطب النحل في الآية 69 من سورة النحل وخاطب السماء والأرض في الآية 11 من سورة السجدة في ج 2 وأمثاله كثير في القرآن العظيم كما نبين كلا في محله ان شاء الله.
مطلب في آيات الصفات وما يجب فيها:
ولنورد ما يتعلق في هذه الآيات من الأحاديث: روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع ربّ العرش، وفي رواية رب العزة، فيها قدمه فينزوي بعضها إلى