الأمم الماضية ليعظ قومه ويحذرهم من مخالفته ويرغبهم بطاعته، فقال «كَذَّبَتْ ثَمُودُ» قوم صالح عليه السلام «بِطَغْواها 11» عليه وتكذيبهم له بعد أن أظهر لهم الناقة التي طلبوها منه معجزة على صدقه «إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها 12» قام مسرعا لعقر الناقة أشقى قومه وهو قدار بن سالف، روى البخاري ومسلم عن عبد الله ابن أبى زمعة أنه سمع رسول الله يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال: انبعث لها رجل عزيز منيع في أهله مثل أبي زمعة ولفظ البخاري عارم أي شديد ممتنع (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ) صالح عليه السلام احذروا «ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها 13» لا تعقروها ولا تتعرضوا لها بسوء ولا لمائها في نوبتها ولا تقربوه. وذلك ان الله أمر صالحا أن يجعل الماء الموجود في قريتهم يوما لهم ويوما لها، وأضافها لجلالته تشريفا كبيت الله (فَكَذَّبُوهُ) بما أخبرهم عن ربه من قسمة الماء ولم يكتفوا بمنعها حتى عمدوا إلى الناقة (فَعَقَرُوها) نسب العقر لهم مع أن العاقر واحد لموافقتهم على عقرها قال تعالى (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) الآية 29 من سورة القمر الآتية ولما لم يلتفتوا إلى نهي نبيهم استأصلهم بعذابه المنوه به بقوله (فَدَمْدَمَ) دمر وأطبق العذاب (عَلَيْهِمْ) جميعهم لرضاهم بفعل العاقر والراضي بالشيء كفاعله فأهلكم كلهم (رَبُّهُمْ) لمخالفته امره وتكذيبهم لنبيه (بِذَنْبِهِمْ) الذي اقترفوه عمدا وعدوانا وقصدا «فَسَوَّاها 14» سوى قراهم بالأرض وعمهم بالدمدمة فلم يفلت منهم أحد «وَلا يَخافُ عُقْباها 15» ولا تبعتها كما يخاف الملوك عاقبة أفعالهم لأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وستأتي القصة مفصلة في الآية 72 من الأعراف الآتية هذا ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة أو مختومة بما بدئت وختمت به هذه السورة من الألفاظ. وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلّى الله على سيدنا محمد وصحبه وسلم.