حينما اجتمعوا في دار الندوة للتداول في كيفية التخلص من حضرة الرسول كما سنبينه في تفسير الآية 41 من سورة العنكبوت في ج 2، وفي تفسير الآية 30 من سورة الأنفال ج 3، وقد ذكر الله عنه بأنه قال يوم بدر لكفار قريش (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ إلخ) الآية 51 من سورة الأنفال أيضا. وروي أنه نادى يوم أحد ألا إن محمدا قتل، كما سيأتي في الآية 122 من آل عمران في ج 3 أيضا.
أما سجود المسلمين فلم يقدح فيهم لأنهم سجدوا مع حضرة الرسول لتحققهم من حاله في ذم الأوثان وأنهم كانوا يحفظون السورة عند تلقيها منه كما أنزلها الله ولم يسمعوا تلك الكلمات لذلك لم يأت ذكرها في الحديثين المارين وأن ما ذكره بعض المفسرين عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم لما تولى عنه قومه وشق عليه بعدهم تمنى أن يأتيه الله بما يقارب بينه وبينهم حرصا على إيمانهم وأنه لما قرأ سورة والنجم بينهم القى الشيطان على لسانه تلك الكلمات فلا عبرة به حيث رواه عنه الكلبي وهو ضعيف جدا لا يعتمد عليه ولم يؤيده أحد من أهل الصحة ولا لسنده ثقة بسند صحيح أو سليم متصل. ومما يدل على توهين هذه الرواية اضطراب رواتها وانقطاع سندها واختلاف ألفاظها، لأن منهم من قال أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان في الصلاة ومنهم من قال أنه كان في نادي قومه وآخر يقول أنه قرأها في حالة سنة من النوم، وغيره يقول أنه حدث بها نفسه، فجرت على لسانه، والبعض قال ان الشيطان قالها على لسانه أو بعض الكفرة تكلم بها أثناء قراءته حتى ظنوها منه، وبعضهم قال انه لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا اقرأتك، مما يدل على تلفيق هذه القصة ولا غرو أن كثيرا من المفسرين والمؤرخين ولعون بنقل كل غريب شاذ، لذلك فانهم ينقلون هذين النوعين بلا ترو لينقل عنهم هكذا مخالفات على حد خالف تعرف.
واعلم أن التمني ينحصر في معنيين لا ثالث لهما بمعنى حديث النفس وبمعنى التلاوة فعلى الأخير لا شيء فيه كما علمت، وعلى الأول يكون معنى تمنى خطر بباله وتمنى بقلبه ولا يبعد أنه إذا قوي التمني اشتغل الخطر فحصل السهو في الأفعال الظاهرة، الا أنه يستحيل وقوعه من النبي في كل ما يتعلق بأمر تبليغ الوحي بدليل ما مر