قال سفيان الثوري. وقال الشافعي وأحمد ومالك سنة استنادا لما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن ثابت قال: قرأت على رسول الله والنجم فلم يسجد فيها. وهذا لا ينفي الوجوب لأنه عبارة عن واقعة حال إذ يجوز ترك السجود لوقوع القراءة في وقت مكروه أو على غير وضوء لأنهم كانوا يقرأون القرآن عن ظهر الغيب لا بالمصاحف تلقيا وحفظا من رسول الله أو أن الرسول لم يسجد ليبين للناس أن السجود غير واجب على الفور، وهذا محمل حديث عمر المروي في الموطأ من أنه رضي الله عنه قرأ سجدة وهو على المنبر فلما نزل سجد وسجد معه الناس ثم قرأها في جمعة أخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا ان نشاء، فلم يسجد، ومعنى هذا أن الله لم يفترضها كالصلوات الخمس ولم يوجبها حالة قراءتها ولو أوجبها حالا لما جاز أن يقرأها أحد عن ظهر غيب إلا وهو متوضئ. هذا، ومن أراد زيادة التفصيل في هذا البحث فليراجع ص 414 من الجزء الأول من الهداية. والسبب في سجود المشركين أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا قرأ يرتل القرآن ويفصل الآي أي يسكت سكتة خفيفة بين الآيتين، ولما قرأ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) إلخ بمحضر المسلمين وقريش، ترصد الشيطان تلك السكتة فدسّ فيها ما اختلقه وهو جملة (تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى) محاكيا بها صوت النبي صلّى الله عليه وسلم فسمعه ممن دنا من الكفار فظنوها من الرسول ورأوه قد سجد هو ومن معه من المؤمنين فسجدوا معه، سرورا بذكر آلهتهم وشاع الخبر في الآفاق حتى ان المسلمين الذين هاجروا الى الحبشة أوائل سنة خمس من البعثة سنة نزول هذه السورة عادوا فرأوا الأمر على خلاف ما سمعوا فمنهم من دخل بجيرة غيره ومنهم من اختبأ ومنهم من عاد لهجرته، ولما عرف رسول الله ذلك حزن وضاق، فأنزل الله عليه مساء ذلك اليوم تسلية له وتعزية عما لحقه من الأسف قوله جل قوله «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» الآية 52 فما بعدها الى 55 من سورة الحج من ج 3، ومعنى تمنى قرأ، قال حسان في عثمان بن عفان رضي الله عنهما حين قتل وهو يقرأ: