لا غير لأن الله نزهه من أن يكون ساحر أو مسحورا فمن أول النّفاثات في سورة الفلق المارة بنيات لبيد بن الأعصم اليهودي وقال أنهن سحرن رسول الله وأن جبريل أخبره بذلك وأن السحر كان على مشاطة منه عقدن عليه أحدى عشرة عقدة ورموها بالبئر، وأن رسول الله حينما نزلت عليه المعوذتان أرسل علينا فأخرج المسحور عليه من تحت صخرة في ذلك البئر وجاء الى حضرة الرسول وقرأ عليه المعوذتين وانه كلما قرأ آية انحلت عقدة لأنها إحدى عشرة آية والعقد إحدى عشرة عقدة إلى آخر ما ذكره المفسرون وجاءت به الأحاديث من كل حدب وصوب، لا اعتماد عليه ولا صحة ولا حقيقة له، إلا أن حضرة الرسول بشر فيصيبه ما يصيب البشر من المرض وغيره ويقع ما يقع منه مثل ما يقع منهم فيما يتعلق بأمور الدنيا، أما بأمور الدين والتبليغ فلا، لأنه معصوم من قبل الله ومحفوظ بحفظه لا يتطرق اليه شيء من ذلك أبدا قال تعالى قل إنما أنا بشر مثلكم الآية 111 من الكهف في ج 2 ومثلها في معناها كثير في القرآن قال القاضي عياض: قد جاء في بعض روايات هذا الحديث (الذي يعتقدون صحته) بنية أن السحر إنما سلط على بدنه وظواهر جوارحه لا على قلبه وعقله واعتقاده وليس في ذلك ما يوجب لبسا في الرسالة ولا طعنا لأهل الزيغ والضلالة، ولو قال رحمه الله إن هذا الحديث قالوا بصحته فهو غير صحيح، وإنما اعتمد الجمهور صحته لكونه في الصحيحين، ولعمري ليس كل شيء مما في الصحيحين صحيحا قطعا، فإن فيهما الضعيف والمنكر، وإن البخاري ومسلم رحمهما الله وإن كانا من أحسن الناس نقلا لكنهما نقلا عن أناس قد يطعن فيهم، أو انه دسّ هذا فيما نقلاه، لأننا بعد أن نسمع أن الله عصمه من السحر ومن أن يكون ساحرا وأبطل بحقه سحر السحرة وكيد الفجرة، فكيف يسوغ لنا أن نصدق بأنه سحر، عصمنا الله من ذلك ولهذا البحث صلة في تفسير الآية 59 من سورة طه الآتية فراجعها. هذا، والله أعلم وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى الأصحاب وأتباعهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم.