«ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ 3» مخافة يوم الحشر والنشور، قال علي كرم الله وجهه كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة التي فيها هذه الآية فأيقنا، قال تعالى مكررا الردع والزجر تأكيدا لعظم ما يلاقونه عند البعث «كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ 4» الحال الذي أنتم فيه بأنه زائل، وأن ما بين أيديكم لا ينفعكم نفعا دائما إذ لا يكون إلا بالعمل الصالح «عِلْمَ الْيَقِينِ 5» كالأمور التي تتحقون صحتها وتتيقنون وقوعها لما ألهاكم تكاثركم ولأشغلكم خوف الآخرة وعذابها عن كل ما في الدنيا، راجع تفسير آخر سورة الواقعة الآتية، ثم أكد الإنذارات الثلاثة بالقسم وعزتي وجلالي «لَتَرَوُنَّ» أيها المتفاخرون المتكاثرون «الْجَحِيمَ 6» بأبصاركم عيانا بعد الموت قبل الجزاء، وهي التي أوعدكم العذاب فيها على لسان رسله، ثم كرر القسم تشديدا للتهديد وتهويلا للأمر فقال عز قوله «ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» أي الجحيم المذكورة «عَيْنَ الْيَقِينِ 7» بالمشاهدة لاخفاء فيها، وهذا القسم من نوع الأقسام المضمرة التي تدل عليها اللام وقد يستدل عليها بالواو معنى كقوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) الآية 75 من سورة مريم الآتية والأولى في القرآن كثير، وإن غالب الأقسام المحذوفة الفعل تكون بالواو وإذا ذكر حرف القسم أتى بالفعل كقوله تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) الآية 52 من سورة النور وقوله (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ) الآية 73 من سورة التوبة في ج 3 وإذا لم يوجد الفعل لا توجد الياء قطعا ولهذا أخطأوا عند قوله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) الآية 12 من سورة لقمان في ج 2، وقوله (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) الآية 12 من الأعراف الآتية (وقوله إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) 119 من المائدة في جزء 3 ومن القسم. واليقين اعتقاد الشيء أنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا اعتقادا مطابقا المواقع غير ممكن الزوال ثم كرر القسم التهديدي تأييدا للتأكيد فقال «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ) يوم الحساب الذي سينال فيه كل أحد جزائه «عَنِ النَّعِيمِ» الذي شغلكم الالتذاذ به في الدنيا عن القيام بأمر الدين.
روي عن ابن الزبير أنه قال لما نزلت هذه الآية قال الزبير رضي الله عنه يا رسول الله وأي نعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء قال أما إنه سيكون